كما فعل غادي الذي كان يخشى حتى ظله بالا يحاء اصبح يخرج في الظلام وحده الى الغابة الى ان بلغت به البطولة مبلغا حرر بها الهند









قد تولد أيها الانسان محملا بالخوف المفرط الذي ورثته، وقد تلاقي صنوف التربية الارهابية وتعاصرها.
ولكن مع ذلك فانك لا تزال تملك الارادة القادرة على قلع جذور الخوف، وأن تصرع شبحه، فإذا كنت تريد التخلص من شبح الخوف المفرط فإليك هذا المنهج:

1- تشخيص الخوف:
المصاب بالسل إذا لم يعترف بمرضه هذا، فانه لن يتخلص منه.
ليقل للناس إنني في أتم صحة.. لن يطرد ذلك المرض.
سيبقى مع نفسه يلاقي سكرات الألم والأوجاع، إلى أن يسقط ميتا.
وان المبتلى بالخوف المفرط، هو كذلك تماما.
فالجيان الذي لا يعترف بجبنه، مهما أظهر أنه شجاع وحاول أن يقلد الابطال، فان الخوف يظل يلاحقه ولن يفارقه.
إن تشخيص هذا المرض والتصميم على إزالته هو الجولة الأولى من مواجهته.
2- الايحاء بالبطولة:
الإيحاء هو عملية ينجم عنها القبول دون تمييز أو تمحيص للأفكار الناشئة في العقل أو تحقيق تلك الافكار على صعيد العقل والايحائية تدل على استعداد المرء لتقبل الايحاء.
وإذا كان الايحاء إيجابيا، فانه يحدث تأثيرا قويا في سلوك الانسان وتصرفاته، ويترك أثرا إيجابيا في النفس من خلال الأقوال والعبارات.
وربما كان سماع الشخص المتعب لقول يثني على علائم الصحة والعافية البادية عليه كفيلا في بعض الأحيان بأن يزل عنه شعور التعب.
لقد ثبت أن الايحاء خير علاج لمعظم الأمراض النفسية.
فالايحاء له تأثير نفسي كبير.
التجار مثلا يصرفون الأموال الطائلة في الدعاية، التي ما هي إلا نوع من الايحاء.
والعلاج في بعض المناطق الفقيرة تصنع أقراص الحبوب من الخبز، وتعطي للمرضى وهم لا يعلمون بذلك ويراودهم شعور قوي وأمل بالشفاء، وهو ضرب آخر من الايحاء.
إن هذه الافكار أو الكلمات التي تتكرر على الانسان نتطبع عنده في منطقة اللاوعي فيصبح لذلك مؤمنا ومتأثرا بها.
وهذا هو الايحاء الغيري أي من الآخرين حيث يعتمد على كلمات الغير ومواقفهم واتجاهاتهم أو تستهويه أفعالهم.




والاسلام بدوره لم يغفل ذلك في منهجه التربوي.
انه يدعونا لقراءة القرآن، وحفظ آياته وما ذلك إلا ضرب آخر للايحاء.
لماذا نردد في كل يوم: ( اهدنا الصراط المستقيم).
مثلا هذه المجاميع العديدة من الأدعية لماذا نتلوها؟
إن كل ذلك في النهاية يوجد قناعة ذاتية في الانسان أن يكون هكذا.
لاحظوا كيف يستخدم الطغاة المستعمرون الايحاء لزرع الخوف في نفوسنا، إنهم يتحدثون عن أحدث وسائل القمع والمقاومة والارهاب وعن قوة عساكرهم.
إنهم يوحون إلينا بأننا متخلفون.. ضعفاء أغبياء.
فإذا كانوا يستخدمون اسلوب الايحاء لإرهابنا، أليس الأجدر بنا أن نستخدم الايحاء لقلع بذور الخوف.
أوح لنفسك أنك بطل، ومن يقول أنك لست كذلك.
قل إنني شجاع وقادر على المقاومة والتحدي، فالمؤمن أولى بأن يكون كذلك. ردد هذه الكلمات.
كما فعل غاندي الذي كان يخشى حتى ظله، بالايحاء أصبح يخرج في الظلام وحده إلى الغابة، إلى أن بلغت به البطولة مبلغا حرر بها الهند من الاستعمار البريطاني.
إن ما قبل النوم يعتبر خير وقت لممارسة الايحاء، حيث تستعد لاستقبال يوم جديد، أوح لنفسك أنه سيكون منعطفا في حياتك، وابدأ بالتمرد على الخوف.
فبالايحاء الذاتي الناشىء من نفسك سوف تقهر كافة العوامل الخارجية التي تبعث في نفسك الخوف والهلع.
3- إقرأ تاريخ الابطال:
المجتمع المتخلف تجده دائما ينقل أخبار الرعب ويقاطع أخبار البطولة، لا يتحدث عن الذين صمدوا وقاوموا، بل عن الذين انهاروا وتراجعوا.
وعندما يسترجع تاريخه يأخذ جانب المأساة منه فقط.
عندما يتكلم عن الانبياء أو الأئمة يتحدث كيف عذبوا وقتلوا وشردوا ولا يتحدث عنهم: كيف صمدوا وثبتوا.
إذا أردت أن تنزع الخوف من ذاتك فاقرأ عن الابطال لا عن الجبناء، وإذا قرأت عن الابطال اقرأ عنهم في لحظة صمودهم ومواجهتهم وليس عن مأساتهم فقط.
إن الذين يقرأون عن الجبناء أو يأخذون جوانب المأساة من حياة الابطال ويتجرعونها، إنما يبحثون عن شركاء لهم في جبنهم ليتكامل تبريرهم.
وهذا ما تراه عندما تسأل شخصا: لماذا تراجعت عن هذا العمل؟ يقول ان فلانا أيضا تراجع.


4- الاقدام:
(إذا خفت أمرا فقع فيه).
غالبا ما يمنع الانسان عن الاقدام على عمل، الشعور بالخوف النابع عن الهالة التي يتصورها حلول هذا الشيء.
فمن يتصور أن الظلام هو مرتع للوحوش المفترسة، ووكر للصوص وهدف للشياطين والجن، لن يتجرأ على السير في الظلام.
ومن يتصور انه لو دخل البحر يسبح فسوف تفترسه الأسماك، وتبتلعه الأمواج، فانه لن يتعلم السباحة.
إن هذه التصورات هي التي تمنع الانسان من الاقدام.
يقول الإمام على كرم الله وجهه: (إذا خفت أمرا فقع فيه).
وتقع في هذا الذي تخشاه، لأنك لو فعلت ستنسف كافة التصورات السابقة وترى انها مزيفة وأنه شعو وهمي.
لذلك فان خير طريقة لتعلم السابحة، هي ان تلقي بنفسك في الماء، وبذلك سوف تكتشف ان ما قيل لك عن البحر وخطورته لا شيء، ومن ثم يزول عنك الخوف.
5- تحجيم الدنيا:
كلما كبرت الدنيا في نفس الانسان كلما أصبح أكثر تمسكا بها وأكثر خوفا على فقدانها، وكلما صغرت الدنيا في نفسه كلما قل خوفه من الأشياء.
والأشخاص، وازداد خوفه من الله أنظروا إلى الجبناء، إنهم أشد تمسكا بحياتهم وذويهم وأموالهم، بينما لو نظرتم إلى الأبطال لرأيتم أنهم مستعدون أن يطلقوا هذه الدنيا في الحال.
الإمام علي كرم الله وجهه الذي خاض ما يقارب الثمانين معركة وأصيب بمئات الجراح، ما حدث ذلك إلا بعد أن طلق الدنيا وحجمها في نفسه، ويصف حال الدنيا فيقول: (الدنيا. نغر وتمر وتضر).
وهذا يعني أن خير وسيلة للتخلص من الخوف هي تحجيم هذه الدنيا هذه هي بعض السبل للخلاص من الخوف المفرط.
فيا أيها الإنسان المؤمن افترس الخوف المفرط قبل أن يفترسك.. حطم هذا الشبح الذي يلاحقك قبل أن تغدو شبحا آخر.
إلى متى ستظل تتهرب من الأعمال والمواقف، إلى متى تستسلم لعوامل الارهاب والوراثة التي وقعت عليك، حتى الحيوان الفاقد للإرادة يتحدى ويقاوم ويقدم، فكيف بالأنسان الذي كرمه الله على كثير ممن خلق؟


الأمن من مكر الله

) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (

) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً & يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ( .



فإن من الذنوب العظيمة عند الله الأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ، قال تعالى ) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ ( أي عذابنا ونكالنا ليلاً وهم نائمون ) أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ( أي في نهارهم وهم في شغلهم وغفلتهم ) أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ( أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم ، وذلك أن هؤلاء القوم المكذبين للرسل كقوم نوحٍ وعاد وثمود أغدق الله عليه النعم والخيرات مع عصيانهم لله ، فاستبعدوا أن يكون مكراً واستدراجاً من الله أو أن يأتيهم العذاب في أي لحظة ، قال قتادة رحمه الله بغت القوم أمر الله وما أخذ الله قوماً إلا عند سلوتهم وغرتهم ونقمتهم فلا تغتروا بالله .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تعليقه على قوله تعالى ) أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ ( هذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان بل لا يزال خائفاً وجلاً أن يُبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان وأن لا يزال داعياُ بقوله : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، وأن يعمل ويسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن ، فإن العبد ولو بلغت به الحال ما بلغت فليس على يقين من السلامة .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في قوله تعالى ) أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ ( دليل على أن لله مكراً والمكر هو التوصل إلى الإيقاع بالخصم من حيث لا يشعر ، ومنه جاء في الحديث " الحربُ خثدعة " فإن قيل كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم ؟ قيل إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر ، وأنه غالب علىخصمه ولذلك لا يُوصف الله به على الإطلاق ، فلا يجوز أن نقول إن الله ماكر وإنما نذكر هذه الصفة في مقام تكون فيه مدحاً مثل قوله تعالى ) وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ ( .





ومثل قوله تعالى ) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ( ومثل قوله تعالى )أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ ( ولا تنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق بل إنها في المقام التي تكون مدحاً يُوصف بها ، وفي المقام التي لا يتكون مدحاً لا يوصف بها ، وكذلك لا يسمى الله بها فلا يقال إن من أسماء الله الماكر .

روى الإمام أحمد في سمنده من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي r قال " إذا رأيت الله يثعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج " ثم تلا رسول الله r ) َلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ( وقال إسماعيل بن رافع : الأمن من مكر الله إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة ، وقد فسر بعض السلف المكر بأن الله يستدرجهم بالنعم إذا عصوه ، من صحة الأبدان ورغد العيش وغيرها ، ويملي لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر .

قال تعالى ) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ( .

أما القنوط من رحمة الله فهو استبعاد العبد الفرج واليأس منه وأن الله يغفر له ويرحمه ، وهو يقابل الأمن من مكر الله ، وكلاهما ذنب عظيم ، قال تعالى )َقالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ( وقال تعالى ) قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( .

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتابه فتح المجيد قوله )َقالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ( مع قوله ) أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ( دليل على أنه لا يجوز لمن خاف الله أن يقنط من رحمته ، بل يكون خائفاً راجياً يخاف ذنوبه ويعمل بطاعة الله ويرجو رحمته ، قال تعالى ) أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ( وقال تعالى ) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ( قال الحسن البصري : المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق خائف وجل ، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن .


























شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

Pages