http://41.media.tumblr.com/5fa90a103af9eefd64f5fcf7a8666870/


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الخشوع في الصلاة هو روحها، والطمأنينة ركن من أركانها لا تتم إلا به، كما في حديث المسيء في صلاته الذي لم يتمّ ركوعها ولا سجودها، فقال له : ((ارجع فصلّ فإنك لم تصل)) وسوف يأتي معنا. وقد قال عمر بن الخطاب : إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله صلاة، قيل: وكيف ذلك؟! قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها. فهذا عمر في صدر الإسلام يقول ذلك، فكيف لو رأى حالنا اليوم؟!

والخشوع هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والتذلل، وهو روح الصلاة ومادة حياتها، وهو ثمرة الإيمان وطمأنينة النفس. ومحل الخشوع هو القلب وثمرته على الجوارح، ولا يحصل هذا الخشوع في الصلاة إلا بأسباب، فمن اجتهد في بذلها وعمل بها فحينئذ تكون راحته وقرة عينه في صلاته، كما كان المصطفى .

وممن قال بوجوب الخشوع في الصلاة شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى؛ لأنه ركن من أركان الصلاة، ومن الأدلة على وجوبه أن الرسول توعد من رفع بصره إلى السماء، وهذه الحال ضد حال الخاشع، وسيأتي ذلك.
https://farm8.staticflickr.com/7338/



وعلى المسلم أن يحذر خشوع النفاق، فقد ورد عن حذيفة أنه قال: إياكم وخشوع النفاق، فقيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعًا والقلب ليس بخاشع. فخشوع الإيمان هو خشوع القلب فيتبعه خشوع الجوارح، وخشوع النفاق هو ما يظهر على الجوارح تكلفًا وتصنّعًا والقلب غير خاشع.

وأسباب الخشوع نوعان، وكل منهما في مقدور المكلف:

الأول: جلب ما يوجب الخشوع ويقوّيه، وهو الذي يسميه شيخ الإسلام ابن تيمية قوة المقتضي. ويتم ذلك بالاستعداد للصلاة والتفرغ لها والطمأنينة وترتيل القراءة وتنويعها وتدبرها وتنويع الأذكار والأدعية وتدبرها ولا سيما في حالة السجود.
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/



الثاني: إزالة الشواغل ودفع الموانع التي تصرف عن الخشوع، وهذا هو الذي يسميه شيخ الإسلام ضعف الشاغل، وهو الذي جاءت فيه أحاديث الخشوع، حيث تضمنت نهي المصلي عن أمور تنافي الخشوع أو تضعفه، فيتعين على المكلف اجتنابها ليحصل له الخشوع.

يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "يأتي على الناس زمان يصلون وهم لا يصلون، وإني لأتخوف أن يكون الزمان هو هذا الزمان". يقول ذلك في زمنه، فكيف لو رأى حالنا وصلاتنا في هذا الزمان؟!

إن من الواجب على المصلي إذا دخل في صلاته أن يتعنّى بها، وأن يقبل عليها بقلبه وقالبه، حتى يحصل من الأجر والثواب والعاقبة الحميدة والتأثر بالصلاة ما لا يحصيه إلا الله سبحانه؛ لأنها صلة بين العبد وربه، فيحذر من كل ما يشغل قلبه ويبعده عن ربه، فإن من الناس من إذا دخل في الصلاة جعل يعبث إما ببدنه أو بثيابه أو بنظره ها هنا أو ها هنا، وهذا لا ينبغي بل يخشى عليه من بطلان صلاته.

إن الخشوع يأتي للقلب غالبًا إذا بذل العبد أسبابه وجاهد نفسه واجتهد في دعاء ربه سبحانه أن يرزقه قلبًا خاشعًا، قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69]. والخشوع في الصلاة يزيد وينقص حسب الأخذ بالأسباب الجالبة له.
http://pbs.twimg.com/media/



وإن للصلاة منزلتها العظيمة في الإسلام ومكانتها الكبيرة؛ لذا كان من الواجب على كل مسلم معرفة الأسباب الجالبة للخشوع والعمل بها وتحقيقها قدر الإمكان.

ألا وصلوا وسلموا على خير الخلق محمد بن عبد الله، عليه من ربه أفضل الصلاة وأتم التسليم، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية أصحاب محمد أجمعين، وعن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين...



http://image.slidesharecdn.com/salah1481/95/

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

Pages