الخلاصة ان الله سبحانه وتعالى ور سوله نفيا الا يمان عن بعض من ترك بعض واجبات الا يمان






https://encrypted-tbn1.gstatic.com/


بسم الله الرحمن الرحيم

فالإسلام أخص بالأعمال الظاهرة التي يظهر بها الانقياد لأمر الله والطاعة له والانقياد لشريعته وتحكيمها في كل شيء، والإيمان أخص بالأمور الباطنة المتعلقة بالقلب من التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ولهذا لما سئل صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره)).

ففسر الإيمان بهذه الأمور الستة التي هي أصول الإيمان وهي في نفسها أصول الدين كله؛ لأنه لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، فالإيمان بهذه الأصول لا بد منه لصحة الإسلام لكن قد يكون كاملاً وقد يكون ناقصاً، ولهذا قال الله عز وجل في حق الأعراب: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا

فلما كان إيمانهم ليس بكامل، بل إيمان ناقص، لم يستكمل واجبات الإيمان نفى عنهم الإيمان يعني به الكامل لأنه ينفى عمن ترك بعض الواجبات كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا صبر له))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره)). إلى غير ذلك، والمقصود أن الإيمان يقتضي العمل الظاهر، كما أن الإسلام بدون إيمان من عمل المنافقين، فالإيمان الكامل الواجب يقتضي فعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى عنه الله ورسوله، فإذا قصر في ذلك جاز أن ينفى عنه ذلك الإيمان بتقصيره؛ كما نفي عن الأعراب بقوله تعالى: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا   ، وكما نفي عمن ذكر في الأحاديث السابقة.

Image result for ‫نور الله‬‎

والخلاصة: أن الله سبحانه ورسوله نفيا الإيمان عن بعض من ترك بعض واجبات الإيمان وأثبتا له الإسلام، فهذه الأصول الستة هي أصول الدين كله، فمن أتى بها مع الأعمال الظاهرة صار مسلماً مؤمناً، ومن لم يأت بها فلا إسلام له ولا إيمان كالمنافقين؛ فإنهم لما أظهروا الإسلام وادعوا الإيمان وصلوا مع الناس وحجوا مع الناس وجاهدوا مع الناس إلى غير ذلك ولكنهم في الباطن ليسوا مع المسلمين بل هم في جانب والمسلمون في جانب؛ لأنهم مكذبون لله ورسوله، منكرون لما جاءت به الرسل في الباطن، متظاهرون بالإسلام لحظوظهم العاجلة ولمقاصد معروفة، أكذبهم الله في ذلك، وصاروا كفاراً ضلالاً، بل صاروا أكفر وأشر ممن أعلن كفره، ولهذا صاروا في الدرك الأسفل من النار، وما ذاك إلا لأن خطرهم أعظم؛ لأن المسلم يظن أنهم إخوته وأنهم على دينه وربما أفشى إليهم بعض الأسرار، فضروا المسلمين وخانوهم، فصار كفرهم أشد وضررهم أعظم، وهكذا من ادعى الإيمان بهذه الأصول ثم لم يؤد شرائع الإسلام الظاهرة، فلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أو لم يصل، أو لم يصم أو لم يزك، أو لم يحج أو ترك غير ذلك من شعائر الإسلام الظاهرة التي أوجبها الله عليه، فإن ذلك دليل على عدم إيمانه أو على ضعف إيمانه، فقد ينتفي الإيمان بالكلية كما ينتفي بترك الشهادتين إجماعاً، وقد لا ينتفي أصله ولكن ينتفي تمامه وكماله لعدم أدائه ذلك الواجب المعين؛ كالصوم والحج مع الاستطاعة والزكاة ونحو ذلك من الأمور عند جمهور أهل العلم، فإن تركها فسق وضلال ولكن ليس ردةً عن الإسلام عند أكثرهم إذا لم يجحد وجوبها، أما الصلاة فذهب قوم إلى أن تركها ردة ولو مع الإيمان بوجوبها وهو أصح قولي العلماء؛ لأدلةٍ كثيرةٍ منها قوله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وقال آخرون: (بل تركها كفر دون كفر إذا لم يجحد وجوبها)، ولهذا المقام بحث خاص وعناية خاصة من أهل العلم، ولكن المقصود الإشارة إلى أنه لا إسلام لمن لا إيمان له، ولا إيمان لمن لا إسلام له، فهذا يدل على هذا، وهذا يدل على هذا، وسبق أن الإسلام سمي إسلاماً لأنه يدل على الانقياد والذل لله عز وجل والخضوع لعظمته سبحانه وتعالى؛ ولأنه يتعلق بالأمور الظاهرة.



https://encrypted-tbn1.gstatic.com/


وسمي الإيمان إيماناً؛ لأنه يتعلق بالباطن والله يعلمه جل وعلا، فسمي إيماناً لأنه يتعلق بالقلب المصدق، وهذا القلب المصدق للدلالة على تصديقه وصحة إيمانه أمور ظاهرة، إذا أظهرها المسلم المصدق واستقام عليها وأدى حقها دل ذلك على صحة إيمانه، ومن لم يستقم دل ذلك على عدم إيمانه أو على ضعف إيمانه، والإيمان عند الإطلاق يدخل فيه الإسلام، والعكس كذلك عند أهل السنة والجماعة، كما قال الله عز وجل: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ  ، فيدخل فيه الإيمان عند أهل السنة والجماعة فإنه لا إسلام إلا بإيمان. فالدين عند الله هو الإسلام وهو الإيمان وهو الهدى وهو التقوى وهو البر، فهذه الأسماء وإن اختلفت ألفاظها، فإنها ترجع إلى معنى واحد وهو الإيمان بالله ورسله والاهتداء بهدي الله والاستقامة على دين الله، فكلها تسمى براً وتسمى إيماناً، وتسمى إسلاماً، وتسمى تقوى، وتسمى هدى. وكذلك إذا أطلق الإحسان دخل فيه الأمران: الإسلام والإيمان؛ لأنه يخص الكمّل من عباد الله، فبإطلاقه يدخل فيه الأمران الأولان: الإسلام والإيمان، وعند إطلاق أحد الثلاثة إذا أطلق فإنه يدخل فيه الآخران، فإذا قيل: المحسنون هم أخص عباد الله، فلا إحسان إلا بإسلام وإيمان قال تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، فالمحسن إنما يكون محسناً بإسلامه وإيمانه وتقواه لله وقيامه بأمر الله فبهذا سمي محسناً، ولا يتصور أن يكون محسناً بدون إسلام وإيمان.


http://www.thaqafatal3alam.com/images/post_793/

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

Pages