ﺍﻗﺪﺓ ﺗﺤﺖ ثقل ﻣﻼﺀﺓ القدر “
فتحت أبواب قصر الطفولة، هناک عقدة في الماء و صك بلا توقيع خلف مراسيم حناء جارتنا ….
صورة فوتوغرافية قديمة لا زالت تزين جدران غرفتها مخزونة بغموض شرسه … حذائي المبلل
بالمطر حملني إلی شهقات متكسرة التي اغتالت فناجين الشاي …
إستفقت على صوت الدف.
لا ليس دفا بل هو إحدي أواني المطبخ التي تستعين بها تلك العجوزة لتخلق صوت البهجة كأنها
تراقص خيوط الشمس، تسوق بها إلي نغمات الريف تخذل الآذان المکممة بغبار قحوف الطين؛
هناك بعيدا بعيدا جدا في سماء الثامنة تجلس على عرش اﻷماني العروس الخجولة، ترى أحلامها
في نصف ملعقة على حافة شفاه القدر.
تستعجل الشمس أن تغيب لتستقبل القادمين، تهيئ نفسها للمرة الثانية بثوب يليق بمراسيم شبه
التشييع على شرف اغتيال اﻷحلام …..
على ﺿﺮﻳﺮ ﺍﻟﻬﻤﺲ ﻳﺄﺗﻲ ﻛﻞ ﺻﺒﺎﺡ ﻛﻤﻘﺼﻠﺔ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺍﻟﻘﺎﺑﻊ ﻓﻲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻀﺎﺋﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺘﻜﺖ
ﺳﺘﺮ ﺍﻟﺼﺒﺮ.
ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻟﻔﺎﺻﻞ ﺍﻟﻤﺮئي ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻔﻖ، ﻳﺴﺮﻕ ﻧﻈﺮﺓ رضا ﻣﻨﺤﺔ ﻣﻦ الحمامة
ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ؛ ﻳﺪﻧﺪﻥ ﻫﺬﻳﺎﻥ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻟﻴﻤﻨﻊ ﺿﺠﻴﺞ ﻋﻘﺮﺑﺔ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﻓﻖ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﻘﻒ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﺰﻣﻦ.
ﻣﺤﺘﺮﻑ ﻓﻲ ﺟﻌﻞ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﺸﻤﻮﻉ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺗﻤﺎثيل ﻟﻤﻼﻣﺢ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ.
ﺑﻤﺎﺫﺍ ﺗﻔﻜﺮ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ؟!
ﻭﻛﺄﻧﻤﺎ ﺃﻳﻘﻈﺖ ﺯﻟﺰﺍﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻠﻢ ﻳﻐﻔﻮ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﺪﺍﺏ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﻭﻧﻮﺑﺔ ﺇﺣﺒﺎﻁ ﻭﻧﻮﺍﺡ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ.
ﺃﻧﺎ؟
ﻧﻌﻢ ﺃﻧﺖ!
ﻳﺘﻜﺊ على ﺑﺴﻤﺔ ﻣﻦ ﺷﻔﺎه ﻛﺸﻤﺲ ﻏﺎﺩﺭﺗﻨﻲ ﺃﺳﻮﺍﺭﻫﺎ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻌﺼﻢ ﻗﻠﺒﻲ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﺍﺑﺘﻐﺎﺀ ﻷﺳﺘﺒﻴﺢ
ﺑﻬﺎ إلى ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ إﻟﻴﻪ
ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ .. ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﺒﻌﺜﺮة ﺃﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺍﻣﺸﻂ ﺷﻌﺚ ﺫﺍﻛﺮﺗﻲ على أﺭﺻﻔﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮ.
هدوء عجیب یعم البلدة في مثل هذا الوقت… وقفت بنا الحافلة في مقهی صغیر یفتح علی الطریق
لیلبي حوائج المسافرین…أجلس لوحدي إلی زاویة بعیدا عن الضجة التي أحدثتها المارة للتو ..
سکینة لا مثیل لها تتوغل في داخلي وهواء طلق یعبر عن وحدة تشوبها رقة وعذوبة.
کدت أسکر من خلال استشمام هذه النقاوة الخالیة من أی ثلوث بيئوي لولا خاطر یمر ببالي…
لا أدری ما الذي ذکرني بأمي في هذه الساعة من منتصف اللیل. إحساس غریب یخالجني
وکان شوق یجاذبني نحو تلک القمة الباسقة المترائیة للأنظار في العتمة.
لا أدري ها هو الطریق المعوج الذي ینساب منها وینتهي إلی هذا المقهی کم یبعدني
عن جذوري؟ حلقات دخان سیجارة أحدهم تعطف بناظري ویباغتنی وجه العسکری ذو البدلة
المرقطة شاحب اللون ینفث تأؤهه للهواء وتتصاعد دویرات الدخان وکأنها حازت علی إطلاق
سراحها. یا للغریب المهاجرعله تذکر أمه للتو …. فجاءته أضواء سیارة تسرق منظري إلی
الطریق الموعج ثانیة وتلوح لي القمة من بعید…ها الآن أدرکت هي الأهواز لا تبعد منی
إلا أربع مئة ونیف للکیلو خلف جبال مدینة بل دختر…هي من ذکرتنی بأمی…