أضع بين يديكم هذا المقال الذي يبين عظمة ديننا الحنيف الذي ماشرع لنا شيئاً إلا إذا كان فيه حكمة ومصلحة لنا في دنيانا وآخرتنا..أقول : لقد تضافرت هذه الأمور كلها علي إحداث الانبهار بالثقافة الغربية ، وقد انعكس هذا الانبهار علي الأسرة المسلمة فكرياً ، وثقافياً ، بل سلوكاً واقعياً









وليكون رداً على كل من يدعو إلى تحرير المرأة سواء من الغربيين أو من يتحدث بلسانهم من أبناء جلدتنا – وللأسف – ويقولون أن حق المرأة مهضوم في ديننا ومجتمعاتنا .

فلينظروا ماذا جنت المجتمعات العربية التي انفتحت على الحضارة الغربية انفتاحاً أعمى؟

فهذا الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في احدى اللقاءات دعا الأمريكيات غير المسلمين الى الاقتداء بالمسلمات في أخلاقهم وعفتهم بعد أن انتشر الايدز لديهم وأصبحت المرأة لديهم مجرد مخلوق للمتعة بعد أن أصبحت تزاحمهم في العمل وفي كل مكان.

وهذا البابا بنديكتوس السادس عشر يدعو الغرب في احدى تصريحاته بعد الأزمة العالمية الأخيرة إلى تطبيق الدين الاسلامي في المجال المصرفي بعد أن أثبتت الاحصائيات عدم تضرر المصارف الاسلامية بالأزمة






" خبراء: المصرفية الإسلامية تقدم حلولا عملية لأزمات المال "


" الأزمة المالية ومعالم البديل الإسلامي "


" البنوك الإسلامية، قاعدة مصرفية آمنة "


" الأزمة المالية تدفع فرنسا لإدراج المعاملات الإسلامية "



كانت هذه بعض العناوين التي عرضت لها مواقع إخبارية عديدة ضمن تغطيتها


لأزمة المال العالمية وتداعياتها،



وما أريد بهذا الموضوع إلا قوله تعالى : { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين . وبعد ,,

فإن الصراع بين الحق والباطل سنة من سنن الله ـ سبحانه وتعالى ـ في هذا الكون ، ماضية بأمر الله ، دائمة ما دامت السماوات والأرض ، قال تعالى: { وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } (سورة الحج ، من الآية رقم / 40 )

وقد جاء علي البشرية زمن رجحت فيه كفة الباطل ، فسادت قوانين الغاب التي تنص علي أن السيادة للأقوى ،وراحت قوي البغي والطغيان تبطش بالضعفاء ، حيث لا مجال لقيم العدل والرحمة والمساواة ،وتفرق الناس شيعاً وأحزاباً ، وادلهَمَّ الخطب ، وخفت نور الحق ، وطال ليل الباطل.

وفجأة وقف الكون كله ليرصد شمساً بزغت من أرض الجزيرة العربية ، وأرسلت شعاعها نوراً وهداية للعالمين ،إنها شمس الإسلام آخر رسالات السماء إلي الأرض ، بُعث بها محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم -الرسالة التي أحدثت أغرب انقلاب في تاريخ البشر.








جاء الإسلام فرأي الناسُ فيه طوق النجاة للعالم كله من دمار محقق ، فدخلوا فيه أفواجاً ، فوحَّد الإسلام فُرقتهم ، وصهرهم ـ علي اختلاف أجناسهم والوانهم ـ في بوتقة واحدة ، حتى تكونت منهم سبيكة متلألئة صلبة ، أما لألأتها فبريق الإيمان ، وأما صلابتها فتماسك وترابط برباط العقيدة " ذلك الرباط الذي وحَّد القلوب حول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- حين حدث اللقاء بينها في الله ، فتحابت ، فالتحمت ، ثم زادها التحاماً لقاؤها في حب رسـول الله – صلى الله عليه وسلم - فتآخت ذلك الإخاء العجيب الذي يتحدث عنه التاريخ.

وصدق الله إذ يقول في كتابه الكـريم مخاطباً نبيه الأمين – صلى الله عليه وسلم : {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (سورة الأنفال ، الآية رقم /63)

وتحقيقاً لعالمية الإسلام انطلق المسلمون الأوائل ـ بعقيدة راسخة كالجبال ، وصفوف متماسكة كالبنيان المرصوص ـ لينشروا هذا النـور المبين في جميع أقطار الأرض ،
واستطاعوا بفضل الله وعونه أن يتغلبوا علي الإمبراطوريتين : الرومانية والفارسية اللتين كانتا تمثلان القوتين المهيمنتين علي الساحة العالمية في ذلك الوقت ، ولم تتوقف مسيرة الجهاد حتى تكونت ـ في فترة وجيزة ـ إمبراطورية إسلامية كبري لم يعرف التاريخ لها مثيلاً.

ورغم الهزائم المنكرة المتكررة والتي مُنِي بها أعداء الإسلام خلال المراحل المختلفة لغزوهم المسلح ، وغاراتهم العسكرية علي بلاد الإسلام ، إلا أنهم لم ييأسوا ، بل لجأوا ـ بجانب الغزو العسكري ـ إلي نوع آخر من الغزو هو في حقيقته وجوهره أعتى خطراً وأفدح ضرراً من الغزو العسكري ، إنه الغزو الفكري ، الذي يستهدف استئصال العقيدة الإسلامية من نفوس المسلمين ، تلك العقيدة التي اكتنفت المسلمين ونظمتهم أمة واحدة ، طالما وقف اتحادها عقبة كأداء في طريق الآمال التي يتطلع إلي تحقيقها أعداء الإسلام.





وانطلق الغزو المزدوج { العسكري والفكري } صوب ديار الإسلام ، رامياً إلي القضاء علي كل ما من شأنه أن يجمع شمل المسلمين ويوحد كلمتهم.

وفي غفلة من المسلمين تمكن أعداء الإسلام من إلغاء الخلافة الإسلامية ـ والتى كانت رمزاً لوحدة المسلمين ـ في " 26 من رجب 1342هـ الموافق 2 من مارس 1924م ".





ثم قام المستعمرون بتجزئة الأمة العربية ذات الأكثرية الإسلامية إلي دويلات صغيرة ، وإقامة الحدود والحواجز المصطنعة بينها ، مع تمكين الخلاف والفرقة بين كل دولة وأخري عن طريق إثارة النعرات القومية والإقليمية والطائفية والمذهبية ، وشحنها بالمقدار المدمر من الحقد والكراهية والبغضاء ، وتغذيتها بمختلف أسباب الخلاف وبواعث الشقاق.

ثم جاء الدور علي أهم لبنة في بناء الأمة الإسلامية ، وهي الأسرة المسلمة ، نظر أعداء الإسلام فوجدوا أن الخطر الذي يتهددهم مازال قائماً بقيام الأسرة المسلمة ، تلك التي تمثل حجر الزاوية في بناء المجتمع الإسلامي ، وعروة العري في كيان الإسلام بما اشتملت عليه من تمسك بأسباب الوقاية والطهر ، وبما انطوت عليه من مقومات الغيرة علي الأعراض ، والتي هي صنو للغيرة علي الوطن.

وإذا كانت الخلافة الإسلامية قد ألغيت ـ في غفلة وتخاذل من المسلمين ، مقابل مكر وتخطيط من أعدائهم ـ فإن الأسرة المسلمة تمثل خلافة إسلامية مصغّرة ، حيث إنها تشتمل علي راعٍ ورعيّة ، ويحكمها دستور إلهي حُدِّدت فيه الحقوق والواجبات الكفيلة بسعادتها ودوام استقرارها ، وبناءً علي هذا تكون بذرة الخلافة موجودة فيها ، ومن الممكن في أي وقت أن تنبت منها شجرة الخلافة الكبرى.

بالإضافة إلي هذا ، فإن أخطر ما استهدفه الغزو الفكري في برامجه التخريبية هو هدم الشخصية الإسلامية ، والشخصية الإسلامية إنما يتم بناؤها وتأسيسها داخل الأسرة المسلمة ، وبناءً عليه فهدم الأسرة المسلمة هدمُ للشخصية الإسلامية.

لهذا وغيره ركَّز الغزو الفكري سهامه علي قلب الأمة ، أي علي الأسرة المسلمة في محاولة لتغيير ملامحها ، وصبغها بصبغة غير إسلامية.




فعندما سجن {لويس التاسع} ملك فرنسا ، في دار ابن لقمان بالمنصورة " أخذ يتفكر فيما حل به وبقومه ، ثم عاد يقول لقومه : إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده فقد هزمتم أمامهم في معركة السلاح ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي مكمن القوة فيهم ".
وقد فاحت رائحة تلك الأمنية من أفواه حكماء صهيون بقولهم في البروتوكول الرابع : " علينا أن ننتزع فكرة الله ذاتها من عقول الناس ، وأن نضع مكانها عمليات حسابية وضرورات مادية ".

إن الأسرة المسلمة تستمد ثقافتها ـ غالباً ـ من التعليم ، ووسائل الإعلام المختلفة ( مقروءة ومسموعة ومرئية ) ، وبحسب ما تقدمه تلك الوسائل تكون ثقافة الأسرة المسلمة ، فإما أن تكون ثقافة مثمرة ، وإما أن تكون غير ذلك .

وكما مر ذكره ، فإن أعداء الإسلام أدركوا أهمية تلك الوسائل في صياغة الفكر الإنساني ، فأمسكوا بزمامها ، وتحكموا في توجيه الثقافة في بلاد الإسلام توجيهاً يخدم أغراضهم الخبيثة .


وقد أسفرت هذه السيطرة عن آثار ثقافية خطيرة أصابت الأسرة المسلمة .


ومن هذه الآثار ما يلي :


أولاً : ضحالة الثقافة الإسلامية في عقول أفراد الأسرة المسلمة:


والثقافة الإسلامية هي : " الثقافة التي محورها الإسلام : مصادره ، وأصوله ، وعلومه المتعلقة به ، المنبثقة عنه ."

وفي وقتنا المعاصر صار كثير من أفراد الأسرة المسلمة يجهلون الكثير من جوانب الثقافة الإسلامية: عقيدة وعبادة ، وآداباً ،وتاريخاً ....إلخ .

ولم يصل كثير من الأسر المسلمة إلي هذا المستوي المتدني من الثقافة الإسلامية إلا نتيجة لمخطط محكم تولت كبره النظم الوضعية في التعليم والثقافة والإعلام في أغلب الأقطار الإسلامية ، متبنية سياسة تفريغ المسلم من الثقافة الإسلامية ، علي النحو التالي :


1-تهميش الثقافة الإسلامية :

ويتجلى ذلك فيما يلي :


أ-تضاؤل الاهتمام بالمساحة الدينية في وسائل الإعلام المختلفة من حيث الكم والكيف .

ب-إهمال العلوم الدينية والثقافة الإسلامية في مراحل التعليم المختلفة ، ولكل عاقل أن يتساءل :" أين هذه العلوم في كلية الطب والهندسة والصيدلة والعلوم والزراعة ؟ أين هذه العلوم في المعاهد الصناعية ، والزراعية ، والتجارية ؟ أين هذه العلوم في مناهج الكليات النظرية ، في كلية الحقوق ، وفي كلية الاقتصاد ، والعلوم السياسية ، وفي كلية الآداب ( أقسام التاريخ ، والجغرافيا ، وعلم النفس ، وعلم الاجتماع ، وعلم الفلسفة ، أقسام اللغات الحية الإنجليزية ، والفرنسية ، واللغات الميتة ؟) أين هذه العلوم في مناهج كلية التربية ؟

وذلك يعني : أن طلاب هذه الكليات محرومون من تعلم علوم هي من فروض العين في حقهم ، وأنهم سوف يتخرجون ولا يعرف الواحد منهم كيف يتلو كتاب الله ، ولا يعرف الأحكام التي تصح بها عقيدته ، وعبادته لله ، ومعاملاته ."





2-محاربة اللغة العربية :

إن اللغة العربية هي اللغة الأولي للثقافة الإسلامية ، بل هي اللغة التي نشأت في رحمها هذه الثقافة ، واتسعت للخطاب الإلهي المعجز .

وقد أدرك أعداء الإسلام أن الشعوب الإسلامية ما دامت علي صلة وثيقة باللغة العربية فإنها ستظل مرتبطة بالإسلام قرآناً وسنة ، وستظل متمسكة بفكرة الوحدة الإسلامية الكبرى .

لذا فقد بذل هؤلاء الأعداء جهوداً جبارة من أجل القضاء علي اللغة العربية الفصحى ـ لغة القرآن الكريم والسنة النبوية ـ وإحلال اللهجات العامية في الأقطار الإسلامية محلها .

وإن المرء ليلاحظ صوراً ووجوهاً لهذه الدعوة إلي العامية ، لا تزال قائمة إلي اليوم في وسائل الثقافة داخل المجتمعات الإسلامية ، فهناك الأعمال الإعلامية الكثيرة في وسائل الإعلام ، تدعم هذا الاتجاه الخطير ، إذ تعرض هذه الوسائل إنتاجاً فكرياً عديداً باللهجات العامية التي تحاصر الفصحى ، وتضعف من قيمتها في نظر الأجيال .

بل هناك بعض الأفلام السينمائية والتليفزيونية قد أعدت علي نهج يحقر من شأن الفصحي ، ويغض من قيمتها ، ويسخر من مدرسي اللغة العربية .


وفعلاً راجت هذه الأفكار الخبيثة في العالم الإسلامي على مستوى دوله عامة، ومصر علي وجه الخصوص ، حتى أصبحت العامية هي اللغة الأولي في مصر ، وفي بلاد أخرى من العالم الإسلامي .


وبذلك أصبح القرآن لدى الأكثرية مهجوراً ، وأصبحت السنة نسياً منسياً ، لأنها جاءت بلغة غير اللغة التي يتحدث بها غالبية الناس .

وهكذا فقد المسلم المخدوع حلقة الوصل بينه وبين الثقافة الإسلامية .






ثانياً : الانبهار بالثقافة الغربية :

في الوقت الذي أصيبت فيه عقول بعض الأسر المسلمة بضحالة في الثقافة الإسلامية القائمة علي الإيمان بالله ، والتوحيد المطلق لذاته وصفاته وأفعاله ، والالتزام الأخلاقي ، واقتران العلم بالعمل ، وتحقيق الفضيلة الإنسانية في أعمق معانيها وأوسعها .


نجد في المقابل انبهاراً بالثقافة الغربية التي لا تكترث بالأديان أو الالتزام الأخلاقي بأي قيم ثابتة ، لأنها تؤله العقل ، وتفصل بين الدين والدولـة حتى في العقيدة التي تدين بها ، ولا تقول بغير النسبي والمتطور والنافع في الحياة المادية ، وتعتبر الأخلاق نظاماً من القيم النسبية الآيلة إلي مواضعات الناس .


ومعلوم أن الانبهار بالثقافة الغربية يترتب عليه محاولة الاصطباغ بمضمون هذه الثقافة .


ولم يأت هذا الانبهار من فراغ ، بل نتيجة لخطوات كثيرة خطاها أعداء الإسلام في محاولة لتغريب حياة المسلمين وإغراقهم بالثقافة الغربية .



ومن هذه الخطوات ما يلي :


الخطوة الأولى : إعداد جيش من دعاة التغريب :


لقد خاض معركة التغريب في بداية الأمر غربيون كان علي رأسهم المبشرون والمستشرقون ، ثم عظم الخطب عندما استطاع الغرب أن يُجند من أبناء العرب والمسلمين جنوداً في كتائب التغريب ، تسبح أقلامهم ، وتلهج ألسنتهم بالثناء علي الحضارة الغربية آناء الليل وأطراف النهار أمثال : رفاعة الطهطاوي (1) ، وخير الدين التونسي (2)، وقاسم أمين (3)، وطه حسين (4)، وسلامة موسي (5)، وغيرهم كثير(6).





(1) هو رفاعة بدوي رافع الطهطاوي [ 1801-1873م]

ولد بطهطا من قري صعيد مصر ، تعلم بالأزهر ثم أوفد إلي باريس سنة 1826م مرافقاً لبعثة علمية ليكون مرشدها الروحي ، فدرس الفرنسية ، وتثقف هناك ، وعاد إلي مصر ، فتولي رئاسة الترجمة في المدرسة الطبية ، وتدرج في غيرها من المناصب ، له من الكتب ( تلخيص الإبريز ) و ( المرشد الأمين ) وغيرهما ، راجع الأعلام 3/ 29.

(2)هو خير الدين بن أحمد التونسي [ 1225-1308هـ =1810-1890م] قدم تونس صغيراً ، فاتصل بصاحبها الباي أحمد ، وتعلم العلوم الأجنبية ، والتحق بوظائف الحكومة ، حتى اختير وزيراً للحربية في تونس ، ثم ولاه السلطان عبد الحميد الصدارة العظمي ، من مؤلفاته ( أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك ) راجع الأعلام 2/ 327.

(3) هو قاسم بن محمد أمين المصري [ 1279-1326هـ = 1863-1908م]

كاتب باحث اشتهر بمناصرته للمرأة ودفاعه عن حريتها ، له ( تحرير المرأة ) و( المرأة الجديدة ) وكان لصدورهما دوي ، ونشر له كتاب ثالث سمي كلمات قاسم بك أمين .


راجع الأعلام 5/ 184.


(4) هو طه بن حسين بن علي بن سلامة [ 1889-1973م]

الدكتور في الأدب ، من كبار المحاضرين ، جدد مناهج ، وأحدث ضجة في عالم الأدب العربي ، وتولى مناصب متعددة ، وأقبل الناس علي كتبه ، ومن المطبوع منها : ( في الأدب الجاهلي ) و( في الشعر الجاهلي ) و( حديث الأربعاء ) و( قادة الفكر ) و( علي هامش السيرة ) و ( مستقبل الثقافة في مصر ) وغيرها ، وقد ترجم كثير من كتبه إلي عدة لغات .راجع الأعلام 3/ 231- 232.


(5) هو سلامة موسي القبطي المصري [ 1304-1378هـ = 1887-1958م ]

كاتب مضطرب الاتجاه والتفكير ، رأس تحرير مجلة الهلال ، وصنف وترجم ما يزيد علي (40) كتاباً ، طبعت كلها منها ( حرية الفكر وأبطالها في التاريخ ) و( نظرية التطور وأصل الإنسان ) و( مختارات سلامة موسى ) وكتب في مجلات وصحف متعددة ، وكان كثير التجني علي كتب التراث العربي ، يناصر بدعة الكتابة بالحرف اللاتيني " راجع الأعلام 3/ 107، 108.


(6) فمثلاً : يعبر سلامة موسى عن شغفه بالحضارة الغربية فيقول في كتابه " اليوم والغد " ما نصه :" كلما زادت معرفتي بالشرق زادت كراهيتي له وشعوري بأنه غريب عني ، وكلما زادت معرفتي بأوربا زاد حبي لها وتعلقي بها ، وزاد شعوري بأنها مني وأنا منها ، هذا هو مذهبي الذي أعمل له طوال حياتي سراً وجهراً ، فأنا كافر بالشرق مؤمن بالغرب " انظر اليوم والغد " سلامة موسي صـ 41، القاهرة [ د . ق] 1994م .


ثم يأتي بعده الدكتور طه حسين ويعلن في كتابه " مستقبل الثقافة في مصر " أن الطريق الوحيد للنهضة والتقدم الحضاري هو :" أن نسير سيرة الأوربيين ، ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً ، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها حلوها ومرها ، وما يُحب منها وما يكره ، وما يحمد منها وما يعاب .


ومن حق المقام هنا على الباحث أن ينبه إلى أن خطر هؤلاء المستغربين يفوق خطر الأجانب من المبشرين والمستشرقين بعشرات المراحــل ، حيث إن الثقة فيهم متوفرة ، وصوتهم له من الألفة ما يجعل صداه يجد طريقاً إلي أذن كثير من المسلمين .

وقد أدرك تلك الحقيقة ، القسيس " زويمر " رئيس إرسالية التبشير في البحرين ، فذكر ضمن نصائحه للمبشرين في مقدمة كتابه " العالم الإسلامي اليوم " :" تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ، ومن بين صفوفهم ، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها ."


ولذلك فإن كل دولة تحرص في صراعها مع أي دولة أخري أن تتخذ لها عملاء وجواسيس من أبناء الدولة المعادية .






الخطوة الثانية: تزيين الحضارة الغربية :

لقد عمل دعاة التغريب ـ على اختلاف أنواعهم ـ علي تزيين الحضارة الغربية ـ التي تشبعت بحبها والولاء لها عقولهم وقلوبهم ـ للمسلمين ، وقد أعانهم علي ذلك ما وصلت إليه تلك الحضارة من تقدم ملموس في شتي جوانب الحياة المادية حيث إنها وفرت للبشر الجهد والوقت .


أما الناحية الروحية في تلك الحضارة ، فلم تظهر علي شاشات التغريب ، إذ أن عدساته قد تجاهلتها ، لما في الإعلان عنها من تشويش لما يراد بثه في نفوس المسلمين ، وهو تزيين الحضارة الغربية .

وما كان هذا التزيين ليُحدث أثراً ، لولا أن المسلمين قد أصابتهم هزيمة نفسية ، وسيطرت عليهم روح انهزامية وقفت مبهورة أمام انتصارات وإنجازات الإنسان الأوربي أو الأمريكي .



الخطوة الثالثة : الدعوة إلي الانفتاح :

بين الحين والآخر بظهر هذا الاتجاه الذي " ينادي بالانفتاح الثقافي والحضاري علي الغرب في شتي الدروب بلا تحفظ ، بحجة ( التحديث ) أو ( العصرية ) أو ( التقدم ) أو ( التجديد ) وكلما ظهر هذا الاتجاه يبرز معه السؤال الآتي : ماذا نأخذ من حضارة الغرب ، وماذا ندع ؟ ."


وفي إطار الإجابة عن هذا السؤال يقول الأستاذ / أنور الجندي :" إن الدعوة إلى الانفتاح علي الفكر العالمي هي دعوة إسلامية صحيحة وأصيلة وقائمة منذ فجر الإسلام ، ولكن بضوابطها وحدودها وأساليبها التي تحفظ الذاتية وتحول دون انهيارها وانصهارها في الفكر الوافد ."

ولكن للأسف الشديد ، فإن المسلمين الآن يعيشون حالة من الانفتاح المطلق علي الفكر والثقافة الغربية عبر الأبواب الآتية :


1-البث الإعلامي المباشر :

والذي تعجز الحواجز عن صده وما يحمل من ثقافات مهما كان شأنها .


ولقد عبر الأستاذ / فهمي هويدي عن هذا الخطر حينما بدأ البث المباشر في تونس ، وهي أول دولة عربية سارعت لاستقباله ، فقال :" خرج الاستعمار الفرنسي من شوارع تونس عام 1956م ، ولكنه رجع إليها عام 1989، لم يرجع إلى الأسواق فقط ، ولكنه رجع ليشاركنا السكن في بيوتنا والخلوة في غرفتنا ، والمبيت في أسرة نومنا ، رجع ليقضي علي الدين واللغة والأخلاق ، كان يقيم بيننا بالكره ، ولكنه رجع لنستقبله بالحب والترحاب ، كنا ننظر إليه فنمقته ، أما الآن فنتلذذ بمشاهدته والجلوس معه إنه الاستعمار الجديد ، لا كاستعمار الأرض ، وإنما استعمار القلوب .

إن الخطر يهدد الأجيال الحاضرة والقادمة ، يهدد الشباب والشابات والكهول والعفيفات والآباء والأمهات ."


2-الابتعاث إلي الخارج :

" فعندما يبتعث طالب العلم ـ مثلاً ـ إلى بلاد الغرب ، تكون الفرصة مواتية لأعداء الإسلام ، ليتعاملوا معه ، ويشبعوه بالثقافة الغربية ، فيعود إلى بلاده ، ويدعو قومه إلي ما مُلئ به عقله وقلبه .


3-تعليم اللغات الأجنبية :

فاللغات أوعية للفكر ، وبالتالي فتعلم اللغات الأجنبية ـ بدون ضوابط وأخذ الحذر ـ يؤدي إلي التأثر بالأفكار الأجنبية .

ومما يدل علي ذلك قول {أ .ل شاتليه } في تقديمه لأعمال الإرساليات التبشيرية :" لا شك في أن إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية ، تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها ، ولا يتم لها ذلك إلا ببث الأفكار التي تتسرب مع اللغات الأوربية ."


4-العولمــــة :


والعولمة ترفع شعارات " عالمية الثقافة " و" وحدة الفكر البشري " ولكنها في الحقيقة ترمي إلي تذويب الفكر العربي الإسلامي واحتوائه ، وصهره في بوتقة الأقوياء المسيطرين أصحاب النفوذ العالمي السياسي المسيطر ."






۞ الآثار الأخلاقية لعدم تطبيق الشريعة الإسلامية ۞


عندما يضعف الوازع الديني في النفوس تصبح صالحة لاستقبال ما يُبث إليها من وساوس شياطين الإنس والجن ، وتميل إلي اتباع الهوى ، وتستشرف فعل المنكرات ، وخاصة إذا كان المحيط البشري العام لا يستنكرها ، بل يحث عليها ، ويمهد لهل بشتى الأساليب ، ومختلف الوسائل.



وهنا يكون دور الرادع المادي الذي يوقف كل إنسان عند حدّه ،


فكثير من الناس لا يردعهم إلا العقاب المادي.

وقد أثبتت التجارب" أن طبيعة العقوبات الإسلامية وموافقتها لنوعية الجرائم المحددة لها ، لها بالغ الأهمية في حصول الأثر النفسي الرادع عن ارتكاب الجريمة ، أن الإسلام في تقريره لنوعية العقوبة يحرص علي حماية الأخلاق ،بل يصدر عن هذا الحرص أساساً حين تقريرها ، وهذا أساس الخلاف في النظر إلي الجريمة وتصورها بين الإسلام وبين القوانين الوضعية جمعاء".


ولذلك فإنه بعد أن استبدلت القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية ، وعطلِّت الحدود الإسلامية عن التطبيق في البلاد الإسلامية ، فشت كثير من الجرائم الأخلاقية التي من شأنها تدمير الأسرة والمجتمع ، دلالة علي عجز القوانين الوضعية عن حماية الأخلاق ، وتطهير المجتمع من الجرائم.


هذه الجرائم الأخلاقية تضافرت لإحداثها جميع أساليب الغزو الفكري ، إلا أن غياب الحدود الإسلامية الرادعة هو الذي ساعد علي انتشارها واتساع نطاقها ، وسريانها في الأسرة والمجتمع سريان النار في الهشيم.


وفيما يلي عرض لأبرز الجرائم الأخلاقية التي ترتبت علي أساليب الغزو الفكري عامة ، واستبدال القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية خاصة.



أولاً / انتشار الانحرافات الجنسية :


لقد أغلقت الشريعة الإسلامية الباب أمام كل ما من شأنه أن يثير شهوة ،

أو يفضي إلي فاحشة ، عملاً بمبدأ " الوقاية خير من العلاج".


فكانت التدابير الوقائية مثل : الأمر بغض البصر ، والاستئـذان ، والحجاب للمرأة ، وكان تحريم التبرج ، والاختلاط ، والخلوة بالمرأة الأجنبية إلخ ، حماية للمسلم من السقوط في مهاوي الرذيلة ، ومحافظة علي بنيان المجتمع من الجرائم التي تهدم أركانه.

فمن أضرب صفحاً عن هذه التدابير ، وحام حول الحمي ، وولج طريق الحرام ،


نالته العقوبة الرادعة التي رصدتها الشريعة الإسلامية لكل من يتجرأ علي محارم الله.


وبهذه التدابير الوقائية ، والعقوبات الإسلامية الرادعة عاش المسلمون الأوائل في مجتمع يسوده الطهر والعفاف.


أما الآن ، وفي ظل غياب الوازع الديني ، فقد فُتحت الأبواب ، ومهدت الطرق أمام الانحرافات الجنسية ، حيث التبرج ، والاختلاط ، وإثارة الشهوات في الشارع وعبر وسائل الإعلام ، في الوقت الذي تتصاعد فيه أزمة الزواج.


وكما غاب الوازع الديني ، غاب الرادع المادي ، حيث إن القوانين الوضعية التي حلت محل الشريعة الإسلامية ، ساعدت وشجعت ـ بعقوباتها غير الرادعة ـ على انتشار الانحرافات الجنسية التي تهدم الأسرة المسلمة ، وتقوض أركان المجتمع المسلم.


وفيما يلي نماذج من الانحرافات الجنسية التي تعددت أشكالها في الآونة الأخيرة.


1 – جريمة الزنا


إن الشريعة الإسلامية لم تحرم الزنا فحسب ، بل حرمت كلَّ ما يؤدي إليه ، قال سبحانه وتعالي : { ووَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } (سورة الاسراء آية رقم 32) .


وقد حددت الشريعة الإسلامية عقوبة رادعة لمن يتعدى حدود الله ، ويثبت عليه اقتراف هذه الجريمة النكراء ثبوتاً لا شبهة فيه.


وتختلف العقوبة بحسب حال الزاني أو الزانية : فإذا كان بكراً ـ غير محصن ـ فإنه يجلد مائة جلدة ـ باتفاق الفقهاء ـ ويُغَرب لمدة سنة ـ على اختلاف بين الفقهاء في تغريب المرأة البكر الحرة الزانية ـ علي أن يكون التغريب إلي مسافة تقصر فيها الصـلاة ، لأن المقصود به الإيحاش عن أهله ووطنه ، وما دون مسافة القصر في حكم الحضر ، فإن رأي الحاكم تغريبه إلي أكثر من ذلك فعل.

والدليل على ذلك : قوله سبحانه : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } (سورة النور آية رقم 2)


وعن أبي هريرة – رضي الله عنه -أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال قضي فيمن زني ولم يحصن بنفي عام ، وبإقامة الحد عليه ) أخرجه البخاري في كتاب(الحدود ) باب ( البكران يجلدان وينفيان)حديث رقم ( 6833)(الفتح12/ 191)



وعن زيد بن خالد الجهني قال : سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( يأمر فيمن زني ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام )


أخرجه البخاري في كتاب(الحدود)باب( البكران يجلدان وينفيان )حديث رقم(6831)( الفتح 12/ 191 )


وأما إذا كان الزاني مُحصناً ـ ثيباً ـ فحده الرجم بالحجارة حتى الموت ـ باتفاق الفقهاءـوجلده مائة جلدة قبل الرجم ـ علي اختلاف بين الفقهاء في ذلك.


والدليل على ذلك : ما رواه البخاري " عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال عمر : لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل : لا نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا وإن الرجم حق علي من زني وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف ، قال سفيان : كذا حفظت ، ألا وقد رجم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده.


" أخرجه البخاري في كتاب(الحدود)باب( البكران يجلدان وينفيان )حديث رقم(6831)( الفتح 12/ 191 ).

وما رواه مسلم عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)


وعندما كان الإيمان متغلغلاً في القلوب ، كان المسلم إذا زلت قدمه فاقترف جُرماً دفعه ضمير الإيمان دفعاً حتى يذهب إلي يد العدالة فيعترف بجريمته ، ويطلب إقامة حد الله عليه تطهيراً لنفسه من آثار الإثم وأوزار المعصية، وكانت يد العدالة لا تتوانى في تطبيق حدود الله ـ إذا ثبتت الإدانة ـ تطهيراً للمجتمع من تلك الجرائم الأخلاقية التي تزلزل بنيانه.

وبالفعل تقلَّصت وحُجِّمت هذه الجرائم في مجتمع طبقت فيه الشريعة الإسلامية.


أما بعد أن استبدلت القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية ، فقد عمَّ البلاء وانتشرت الفاحشة في بلاد المسلمين انتشاراً مريعاً.


وإن الناظر في العقوبات التي وضعها القانون المصري ـ علي سبيل المثال ـ لمثل تلك الجرائم ، سيتضح له سبب انتشار الفاحشة :



-تنص المادة (267) من قانون العقوبات المصري علي أن


" من واقع أنثي بغير رضاها يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ".



ومعني ذلك : أنه لا يعاقب إذا كان الرضا قائماً بين الطرفين ، حتى عقوبة الحبس فإنها لا تؤلم الزاني إيلاماً يحمله علي هجر اللذة التي يتوقعها من وراء الجريمة ،مما أدي إلي إشاعة الفساد والفاحشة ، وأكثر الناس الذين يمسكون عن الزنا اليوم لا تصرفهم عنه العقوبة ، وإنما يمسكهم عنه الدين أو الأخلاق الفاضلة التي لم يعرفها أهل الأرض قاطبة إلا عن طريق الدين.

وتنص المادة ( 290) علي أن " كل من خطف بالتحايل أو الإكراه بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة ، ومع ذلك يحكم علي فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوفة بغير رضائها ".



-ثم جاءت المادة التالية (291) لتنص علي أنه


" إذا تزوج الخاطف بمن خطفها زواجاً شرعياً لا يحكم عليه بعقوبة ما ".


وغني عن البيان أن هذا فتح البـاب علي مصراعيه أمام الشباب لاغتصاب الفتيات ،


وما الذي يمنعه إذا كان سيكافأ علي جريمته بالزواج منها ؟!!


وبالفعل انتشرت في الآونة الأخيرة جرائم الاغتصاب ، وقد أكد المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر ، من خلال إحصائية رصدها عن هذه الظاهرة " أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات اغتصاب الفتيات ، ففي عام 1990م، وقعت 35 حالة اغتصاب ، ارتفعت إلي 45 حالـة عـام 1998م ، وبلغـت 75حالة عام 1999م ." جريدة الأسبوع، بتاريخ 10 / 4/ 2000م ،صـ 6 .


والواقع أن هذه الإحصائية أقل من الواقع بكثير ، حيث إن كثيراً من هذه الجرائم يغلب عليها التستر ، ولا يبلّغ إلا عن أقل القليل.


وقد أدي ذلك إلي إصابة الأسر المسلمة بالذعر والقلق علي بناتها ، فالشاب الذي يتقدم لخطبة فتاة وترفضه أو يرفضه أهلها يقوم باغتصابها ، وفي هذه الحالة يضطر الأهل لتزويجها إياه خوفاً من الفضيحة ، والقانون يؤيد ذلك ، ولنا أن نتخيل وضع أسرة قامت علي هذا الأساس !!!


وأمام انتشار هذه الظاهرة ، والثورة الشعبية علي المادة ( 291) تم إلغاؤها ،


والإبقاء علي عقوبة الإعدام وحدها حتى تكون ردعاً لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء.


ورغم هذا فجرائم الاغتصاب تزداد يوماً بعـد يوم ، لوجود خلل في الضبط والتنفيذ , ولقوة الشهوات المثارة ، وضعف الوازع الديني.


ولكن الفرحة لم تكتمل ، حيث إنه في غمار بحث ودراسة هذه الظاهرة ، وما يترتب عليها من آثار ، أصدر مفتي جمهورية مصر العربية الدكتور / نصر فريد واصل ، فتوى بجواز إجهاض المغتصبة وإعادتها عذراء.





الأمر الذي لم تقبله جماهير المسلمين ، لما فيه من فتح الباب علي مصراعيه لمزيد من الفساد أمام المنحلات والواقعات في وحل الرذيلة لينخرطن في عداد المغتصبات ،


ويتم إجهاضهن ، وإعادة غشاء البكارة دون خوف ، وفي هذا ما فيه من غش وخداع للزوج القادم!!!

والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول : [ من غشنا فليس منا ] وأخشى أن يتطور الأمر ، ليصل إلي ما وصل إليه العالم الغربي من عدم توخي الرجل العفة والبكارة في مخطوبته، ما دام لن يعرف هل غشاء البكارة طبيعي أم صناعي ؟

يقول " بول بيورو " عالم الاجتماع الفرنسي الشهير :" أصبح الشبان في القرى والأرياف أيضاً ، يعترفون بأنه ليس لأحدهم حقٌ في توخي العفة والبكارة في مخطوبته ، إذا كان هو نفسه لا يتصف بالعفاف ، وقد عاد من المعتاد أن تكون الفتاة قد عاشرت عدة من الأخدان قبل زفافها ، ثم لا تجد في نفسها حرجاً من حكاية قصة حياتها الماضية لخاطبها عند الزواج ، وكل هذا الفجور لا يثير سخطاً أو كراهية حتى في أقاربها الأدنين".

-وتنص المادة (273) من قانون العقوبات المصري علي أنه

"لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء علي دعوى زوجها ، إلا أنه إذا زني الزوج في المسكن المقيم فيه مع زوجته كالمبين في المادة ( 277) لا تسمع دعواه عليها".

وقد نصت المادة (277) على أن :


"كل زوج زني في منزل الزوجية ، وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازي بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر".



انظر إلي العقوبة :" ستة أشهر " للزاني المحصن ، بدلاً من الرجم حتى الموت ، بل ويتوقف العقاب علي دعوى الزوجة !!!


وأما بالنسبة للمرأة المتزوجة التي تزني فعقوبتها مبينة في المادة ( 274) حيث تنص علي أن :

" المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد علي سنتين ،


لكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت".


والزاني بها عقوبته بينتها المادة ( 275) حيث تنص علي الآتي:

" يعاقب أيضاً الزاني بتلك المرأة بنفس العقوبة ".

فبدلاً من الرجم : "العقوبة سنتان " وتتوقف علي دعوى الزوج !!!

وقد أدي كل هذا إلي انتشار الخيانة الزوجية ، واختلاط الأنساب ، ثم تزداد الأمور سوءاً بظهور ما يمكن أن يسمى بتعدد الأزواج للمرأة الواحدة ، والتي تأخذ نفس عقوبة الزنا في القوانين الوضعية ، مع التشديد في العقوبة إذا اقترنت بجريمة التزوير ، كأن تدلي الزوجة بيانات غير صحيحة في عقد زواجها الثاني ، فتكتب أنها عذراء لم يسبق لها الزواج ، مع أنها في الحقيقة لا تزال في عصمة الزوج الأول.

وتحت عنوان " زوجات شعارهن : زوج واحد لا يكفي !!!" أوردت مجلة " صباح الخير " العدد ( 2269) الخميس ، 1من يوليو 1999م .

تحقيقاً صحفياً جاء فيه :" تؤكد الإحصائيات الاجتماعية وأرقام محاضر الشرطة

أنه في خلال الأربع سنوات الماضية تقدم أكثر من 20 ألف زوج ببلاغات في أقسام الشرطة ، وسراي النيابة يتهمون فيها زوجاتهم بالزواج عليهم من آخرين بعد هروبهن من منزل الزوجية ، بخلاف حالات أخرى لجأ فيها الأزواج إلي محاكم الأحوال الشخصية " وما خفي كان أعظم !!!


وبتعدد الأزواج طالبت المرأة في كثير من المؤتمرات ،" وعلي سبيل المثال
: المؤتمر الذي عقدته (جمعية تضامن المرأة العربية) في بلد مسيحي (في نيروبي في كينيا) وبدعم من مجلس الكنائس العالمي ، ومنحة ضخمة منه لم يمنحها هذا المجلس حتى للكنيسة الأرثوذكسية.

وفي هذا المؤتمر كان ضمن ما طالبت به المؤتمرات أو المتآمرات علي الرجل : تعدد الأزواج بالنسبة للمرأة أسوة بالرجال في تعدد الزوجات.


جريدة المسلمون ،العدد (243 )بتاريخ 29صفر 1410هـ.


ولقد غفل هؤلاء النسوة عن " أن المساواة بين الرجل والمرأة في أمر التعدد مستحيلة طبيعة وخلقة ، ذلك لأن المرأة في طبيعتها لا تحمل إلا في وقت واحد مرة واحدة في السنة كلها ، أما الرجل فغير ذلك ، فمن الممكن أن يكون له أولاد متعددون من نساء متعددات ، ولكن المرأة لا يمكن إلا أن يكون لها مولود واحد من رجل واحد ، فتعدد الأزواج بالنسبة للمرأة يضيع نسبة ولدها إلي شخص معين ، وليس الأمر كذلك بالنسبة إلي الرجل في تعدد زوجاته".

وشئ آخر وهو أن للرجل رئاسة الأسرة في جميع شرائع العالم ، فإذا أبحنا للزوجة تعدد الأزواج فلمن تكون رئاسة الأسرة ؟ أتكون بالتناوب ؟ أم للأكبر سناً ؟ ثم إن الزوجة لمن تطيع ؟ لهم جميعاً ، وهذا غير ممكن لتفاوت رغباتهم أم تخص واحداً دون الآخرين ؟!

وهذا يذكرني بموضوع " التعايش الثلاثي في بلاد الغرب " وهو أن يقيم العشيق مع عشيقته وزوجها في منزل واحد ، ويعيش الثلاثة في هذا الوضع علي أتم وفاق.

وللأسف الشديد ، فقد لجأ كثير من المسلمين إلي تغليف الانحراف الجنسي بغلاف زائف يأخذ الاسم الشرعي دون المسمي ، ليفلتوا من العقوبة القانونية رغم بساطتها ، فأصبح الشاب والفتاة يوقعان علي ورقة تفيد بأنهما قد تزوجا ، ويشهد علي هذه الورقة اثنان من الأصدقاء ، وهو ما يطلقون عليه ـ جهلاً وزوراً ـ " الزواج العرفي " الذي سري في الجامعات سريان النار في الهشيم ، ويعيش الشاب والفتاة حياة الزوجين دون علم الأهل ، فإذا ما كُشف المستور ، كانت حماية القانون الذي يعترف بهذه الورقة ، ويبارك هذا الزواج ! ! !


وفي أغلب الحالات يقوم الشاب بتمزيق تلك الورقة بعد أن يستوفي غرضه الدنئ من الفتاة المغفلة ، ويتركها تواجه وأهلها الفضيحة والعار ، فضلاً عن ضياع نسب ولدها إذا حملت من هذا الزواج المزور ! ! !







2 – اللواط و الشذوذ الجنسي :

" كما حرم الإسلام " الزنا " وحرم الوسائل المفضية إليه ، حرم كذلك هذا الشذوذ الجنسي الذي يُعرف بـ" عمل قوم لوط " أو " اللواط".

فهذا العمل الخبيث انتكاس في الفطرة ، وانغماس في حمأة القذارة ، وإفساد للرجولة ، وجناية علي حق الأنوثة.


وانتشار هذه الخطيئة القذرة في جماعـة ، يفسد عليهم حياتهم ، ويجعلهم عبيداً لها ، وينسيهم كل خُلق وعرف وذوق ، وحسبنا في هذا ما ذكره القرآن الكريم عن قوم لوط الذين ابتكروا هذه الفاحشة القذرة ، وكانوا يدعون نساءهم الطيبات الحلال ، ليأتوا تلك الشهوة الخبيثة الحرام.


ولهذا قال لهم نبيهم لوط – عليه السلام : { أتأتون الذكران من العالمين (165) وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون }

(سورة الشعراء الآيتان رقم 162 و 163)

ودمغهم القرآن علي لسان لوط – عليه السلام - بالعدوان والجهل والإسراف والفساد والإجرام في عدد من الآيات.


ومما يظهر فظاعة اللواط وعظيم فحشه أن الله ـ تعالى ـ سمى الزنا ( فاحشة ) قال تعالى : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } (سورة الاسراء الآية رقم 32)


وسمي اللواط ( الفاحشة ) قال تعالى : { ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } (سورة الاعراف الآية رقم 80)

والفرق بين التسميتين عظيم ، فكلمة ( فاحشة ) بدون الألف واللام نكرة ، ويعني ذلك أن الزنا فاحشة من الفواحش ، لكن عند دخول الألف واللام عليها تصير معرفة ، ويكون حينئذ لفظ ( الفاحشة ) جامعاً لمعاني اسم الفاحشة ، ومعبراً عنها بكل ما فيها من معني قبيح.

ولما كانت هذه الفعلة من أعظم المعاصي والكبائر التي توجب غضب الرب جل وعلا كان عقاب أصحابها من أفظع العقوبات وأشنعها ، فقد حكي الله ـ سبحانه وتعالي ـ كيف عاقبهم بعد أن عتوا واستكبروا فقال تعالى : { فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود (82) مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد (83) } (سورة هود الآيتان رقم 82 و83)

ولم تكن هذه الفاحشة معروفة لدي العرب في جاهليتهم ، ورغم هذا فقد حذر الرسول – صلى الله عليه وسلم - من هذه الفاحشة ، وكأنه أُلهم وقوعها في الأمة ، وابتلاء البعض بها حيث قال: [ إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ] أخرجه الترمذي في كتاب (الحدود) باب (ما جاء في حد اللوطي ) حديث رقم ( 1457) (4/ 48 ) , وقال :حديث حسن غريب.

وبالفعل ظهرت حالات كثيرة من الشذوذ الجنسي في أوساط المسلمين بعد أن تسربت العدوى إليهم من المجتمع الغربي الذي انحدر إلي درك سحيق من الانحراف والشذوذ ، بل أصبحت هناك جمعيــات رسمية تحمي الشـاذين ، وتنظـم عملهم القبيح.


وقد اختلف فقهاء الإسلام في عقوبة من ارتكب هذه الفاحشة : أيحدان حد الزنا ؟ أم يقتل الفاعل والمفعول به ؟ وبأي وسيلة يُقتلان ؟ أبا لسيف ؟ أم بالنار ؟ أم إلقاءً من فوق جدار ؟ وهذا التشديد الذي قد يبدو قاسياً إنما هو تطهير للمجتمع الإسلامي من هذه الجرائم الفاسدة الضارة التي لا يتولد عنها إلا الهلاك والإهلاك.

ولأن الحدود الإسلامية معطلة عن التطبيق ، فقد استشرت هذه الفاحشة ، ومما زاد الطين بلة أن ظهرت بعض حالات زواج رجل برجل بعقد بينهما !!!

وهذا يعتبر إنجازاً وتحقيقاً لما دبرت له وثيقة مؤتمر السكان ، حيث " أقرت كافة أنماط الأسرة بمفهومها الغربي الحديث دون التزام بالنواحي الشرعية والقانونية والأخلاقية ، مثل زواج الجنس الواحد".

وقد نشرت جريدة الجمهورية بتاريخ 18/ 4/ 2000م.


تفاصيل آخر حالة زواج بين رجلين ، والتي أثارت ضجة في الشارع المصري.


وكانت المفاجأة : أن قانون العقوبات لا يدين الزواج بين الرجال !!!! وأنه لا يفرق بين الذكر والأنثى في مثل هذه الحالات ، في حالة توافر الرضا بين الطرفين ، وذلك طبقاً لنص المادة ( 269) من قانون العقوبات ، وتنص علي أن


" كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس"


وبهذه العقوبة غير الرادعة بدأ الشذوذ الجنسي ينتشر في مجتمع المسلمين ،


وانتشرت معه آثاره المدمرة.





شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

Pages