
يحتفل المغرب، كسائر أقطار العالم الإسلامي، بالعام الهجري الجديد 1395، وتعود وسائل الإعلام للتذكير بحادث الهجرة النبوية التي هي مبدأ التاريخ الإسلامي، باعتبار أنه أبرز حادث في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي تاريخ الدعوة الإسلامية، كان بداية الانتصارات التي عرفها مجتمع المسلمين بعد ذلك وبداية الهزائم التي عرفها مجتمع المشركين في قلب الجزيرة العربية.
إن ما نحاول أن نستجليه اليوم، وبعد 1436 سنة مرت، منذ هذا الحدث العظيم في تاريخ الإسلام، يتمثل في إلقاء نظرة، تاريخية واجتماعية جديدة، لتحديد علاقة المجتمعات العربية الإسلامية بالهجرة، وخاصة في مجال التساؤلات التالية:
أ- ما هي القيم الجديدة التي عملت الهجرة النبوية على إشاعتها وتركيزها في المجتمع الإسلامي الأول، وعلى إحلالها محل قيم المجتمع الوثني القبلي بالجزيرة العربية؟
ب- هل تقبل المجتمع الإسلامي الناشئ هذه القيم وتجاوب معها؟ وإلى أي حد؟
ت- ما هو أثرها في تغيير سلوكه ومواقفه وعلاقاته؟
ث- ثم ما هو أثرها في المجتمعات العربية والإسلامية خلال التاريخ؟ وما الذي بقي منها في مجتمعاتنا المعاصرة؟ وهل هي من نوع القيم المرحلية العابرة، أم لها طابع الاستقرار والاستمرار؟
إن بحثا اجتماعيا ومنهجيا مركزا في هذا الموضوع، يمكن أن يأخذ طريقه إبتداءا من الإجابة عن هذه الأسئلة، وهو ما نرجوا أن نقوم بها يوما بحول الله عندما تسمح بذلك ظروف العمل والزمن، ولكن هذا لا يمنعنا في هذا العرض الصغير من أن نقوم بمحاولة أولية لوضع خطوط الإجابة عنها، بادئين بالجواب عن السؤال الأول:
1- الإيمان بالله وحده:
هذه القيمة الجديدة على المجتمع العربي الوثني، كانت تمثل أخطر ثورة على قيمه وتقاليده التي عاش عليها آلاف السنين، وقد استمر الجدل حولها بين الرسول عليه السلام وبين زعماء العرب المشركين مقرونا بكل أنواع الإذاية والمهانة، والتعذيب والمقاطعة له ولأصحابه، أكثر من عشر سنوات بمكة قبل الهجرة.
وقبل أن ينتقل هؤلاء الزعماء من مرحلة الإيذاء والإهانة والتعذيب، إلى مرحلة المقاطعة الاقتصادية والتوجيع، والتآمر على قتل الرسول، قرروا أن يدخلوا معه في حوار دبلوماسي من مستوى عادل، يأخذ أولا صبغة جدلية، ليتحول بعدها إلى أسلوب للمساومة والإغراء قبل أن ينتقل إلى التحدي والتعجيز لينتهي إلى التهديد بالقتل والإبادة.
ويقدم لنا نص الحديث الطويل الذي أخرجه ابن جرير عن ابن عباس في هذا الموضوع، صورة عن طبيعة الصراع القائم حول عقيدة الإيمان بالله وحده فقد قرر أربعة عشر رجلا من قادة قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن المغير وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف والعاص بن وائل، بعد أن تداولوا في الأمر، أن يدخلوا في حوار رسمي مع الرسول يتخذون بعده قراراتهم النهائية بشأنه.
بيد أن كل ما استعملوه من جدل ومساومة، وتحدي وتهديد، في هذا الحوار الطويل، لم يزعزع الرسول عن موقفه، وعندئذ ضاعفوا من حملتهم واضطهادهم لكل من عملوا بإسلامه، ولما مات عمه أبو طالب الذي كان يحميه في إطار العصبية القبلية، اشتدت إذاية المشركين له، وكانوا يلاحقونه في الطريق فينثرون التراب على رأسه وهو سائر، ويضعون أوساخ الشاة عليه وهو يصلي، ويقولون: أنت الذي تريد أن تجعل الآلهة إلاها واحدا؟
2- مقاومة العدو:
إن المقاومة المستميتة في سبيل الدفاع عن عقيدة التوحيد، التي تمثلت في مواقف الرسول عليه السلام، وفي مواقف أصحابه وخاصة من طبقة العبيد والفقراء، كانت تعبر عن قيمة جديدة أدهشت قادة المجتمع الوثني العربي، وزعزعت إيمانهم التقليدي بآلهتهم، وجعلت الكثيرين منهم يعيدون النظر في مواقفهم تجاه عقيدة التوحيد.
إن المقاومة المستميتة في سبيل الدفاع عن عقيدة التوحيد، التي تمثلت في مواقف الرسول عليه السلام، وفي مواقف أصحابه وخاصة من طبقة العبيد والفقراء، كانت تعبر عن قيمة جديدة أدهشت قادة المجتمع الوثني العربي، وزعزعت إيمانهم التقليدي بآلهتهم، وجعلت الكثيرين منهم يعيدون النظر في مواقفهم تجاه عقيدة التوحيد.
لقد استمرت مقاومة الرسول وأصحابه لاضطهاد المشركين لهم أكثر من عشرة أعوام سبقت الهجرة النبوية، وكانت أصعب مراحل هذه المقاومة، عندما تقدمت قبائل قريش طالبة من بني عبد مناف (قبيلة الرسول) تسليمه إليهم مقابل دية مضاعفة فرفضوا، ثم عرضت على أبي طالب أن تعطيه سيدا من شبابهم يتبناه ويسلم إليها بدله ابن أخيه، فرد عليهم قائلا: عجبا لكم تعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه؟
هذا الموقف دفع بزعماء القبائل إلى اتخاذ قرار بإخراج بني هاشم وبني عبد مناف من مكة، ومقاطعتهم اقتصاديا، فلا يبيعونهم شيئا ولا يبتاعون منهم حتى يسلموا محمد للقتل، وكتبوا بذلك عهدا في صحيفة وضعوها في جوف الكعبة، واضطرت عشيرة النبي مسلمها ومشركها، إلى الالتجاء إلى شعب أبي طالب، وبعد دخول الرسول له أمر جميع المسلمين بالهجرة إلى للحبشة، لحماية أنفسهم من اضطهاد المشركين، وكان عدد المهاجرين 380 رجلا و 18 امرأة.
ومكث بنو هاشم في الشعب ثلاث سنوات عانوا خلالها من الحصار والمقاطعة والتجويع عناء شديدا، دفعهم لأكل أوراق الشجر، وذلك قبل أن يستيقظ ضمير خمسة من أشراف قريش، أعلنوا معارضتهم لوثيقة المقاطعة التي اعتبروها ظالمة، وقاموا بتمزيقها بدافع إنساني قائلين: يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم في الشعب هلكى لا يبيعون ولا يبتاعون؟ واستطاعوا بهذا الموقف الجريء
أن يضعوا حدا لهذه المقاطعة، وعاد بنو هاشم ومعهم الرسول إلى مساكنهم.
وهكذا نلاحظ أن الرسول عليه السلام كان طيلة العشر سنوات التي قضاها بمكة داعيا وناشرا لمبدأ الإيمان بالله وحده لا شريك له، مثلا أعلى في الصبر واحتمال الشدائد ومقاومة الأعداء، وانعكست هذه القيمة الحميدة على أصحابه الذين تقمصوها عقيدة وسلوكا، وجاءت الهجرة لتمثل ثمرة انتصار مزدوج لقيمتين، إحداهما هدف، والأخرى وسيلة له، الإيمان بالله وحده، ومقاومة المشركين لتأكيد هذا الإيمان.
3- تحرير المجتمع الإسلامي من سيطرة الفكر الوثني، وسلطة المشركين:
لم تكن الجماعة الإسلامية الأولى التي ظهرت بمكة، تملك حرية الإعلان عن عقيدتها الجديدة، أو ممارسة شعائرها الدينية، بل كانت تضطهد وتعذب باستمرار، كلما تجرأت وأعلنت إسلامها، ولذلك نجد أن أحد الأهداف الرئيسية لهجرة الرسول والمسلمين إلى المدينة يتمثل في تحرير المجتمع الإسلامي الناشئ من سلطة المشركين، واضطهادهم، وإيجاد مكان آمن لعيشتهم، هذا التحرير كان أحد المهام الرئيسية التي تشغل بال الرسول عليه السلام تصديقا لقوله: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم).
إذا كان شرطا أساسيا لإنشاء المجتمع الإسلامي، الذي سوف يتحمل مسؤولية النضال في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، ومواصلة تحرير الأمة العربية من سيطرة الفكر الوثني، وسلطة المشركين.
4- المؤاخاة بين المسلمين:
بقدر ما كانت القبائل العربية الوثنية متناحرة وتعيش في صراع دائب، جاء الرسول عليه السلام ليعلمها قيمة الأخوة الدينية كلبنة في بناء المجتمع الإسلامي الجديد، وكان بين أبناء الأوس والخزرج بيثرب- وهما إخوان- من العداوة ما جعل الحرب لا تضع أوزارها بين القبيلتين اللتين كانت تضطر كل منهما أن تتحالف مع قبيلة بني النضير أو بني قريضة اليهودية ضد الأخرى، وحدث أن فكرت الأوس في محالفة قريش ضد الخزرج، وبعثت وفدا لهذا الغرض إلى مكة، وجاءهم رسول الله يقول: " هل لكم في خير ما جئتم له، أن تؤمنوا بالله وحده ولا تشركوا به شيئا، وقد أرسلني الله إلى الناس كافة، ثم تلا عليهم القرآن فقال إياس بن معاذ أحد أعضاء الوفد: هذا والله خير مما جئنا له، فحصبه أحد رفقائه قائلا: دعنا منك، لقد جئنا لغير هذا فسكت.
وفي موسم الحج التالي حضر ستة من الخزرج ودعاهم الرسول إلى الإسلام فقالوا: أنا تركنا قوما بينهم من العداوة ما بينهم، فأن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك، ووعدوه المقابلة في الموسم المقبل.
وتتابعت وفود الأوس والخزرج في العامين التاليين إلى مكة، حيث كانوا يتصلون برسول الله ويبايعونه سرا، ولم يقم الرسول عليه السلام بالهجرة إلى المدينة بعد ذلك حتى كان الإسلام قد انتشر بين الأوس والخزرج اللتين ذابت عداوتهما التقليدية تحت أشعة القيم الإسلامية الجديدة، وخاصة أخوة الإسلام، وتنافسوا في استضافة المهاجرين، بل حكموا القرعة بينهم، فما نزل مهاجر على أنصاري إلا بقرعة، وقام الرسول عليه السلام بتعميق روابط هذه الأخوة إثر الهجرة، عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، فكان كل أنصاري ونزيله أخوين في الله، ويتقاسمان الثمر والأموال.
وقد وصف القرآن علاقات الحب والأخوة الجديدة التي سادت بين الأنصار والمهاجرين بقوله: " والذين تبوأوا الدار والإيمان قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة " وقال تعالى:
" إنما المؤمنون إخوة".
5- توحيد كلمة العرب المسلمين:
استطاع الرسول بفضل قيم الإيمان بالله وحده، وتحرير الفكر العربي من هيمنة الوثنية، والمؤاخاة بين المؤمنين، أن يخلق بين أعضاء المجتمع الإسلامي الناشئ، شكلا جديدا للعلاقات الإنسانية والاجتماعية، يختلف تماما عن أسلوب العلاقات الذي عرفوه في مجتمعهم القبلي الوثني السابق، الأسلوب الإسلامي الجديد في العلاقات لا يعترف بالامتيازات أو الفروق الجنسية أو القبلية، ولا يعترف بعبودية الإنسان لأخيه الإنسان، ولا باستغلال الإنسان للإنسان، هذا الإحساس الجديد بروح ونظام العلاقات الإسلامية، لم يقض فقط، على كل أسباب وعوامل النزاع القبلي، والعصبية التقليدية، ولكنه خلق شعورا جديدا وقويا بالوحدة بين أعضاء هذا المجتمع " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى"،
" والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره "، " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه كما يحب لنفسه ".
وجاء القرآن ليؤكد حقيقة " البنية القيمة " الجديدة للمؤمنين: " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ".
وأمر القرآن بالتزام مبدأ هذه الوحدة، وفكر المسلمين بعلاقات العداء السابقة، وحذرهم من العودة إليها قائلا: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ".
وقد جاءت هجرة الرسول عليه السلام، وهجرة أصحابه على يثرب، لبناء أول مجتمع إسلامي بالمدينة يتكوم مختلف القبائل العربية، ومن مختلف العصبيات والطبقات والجنسيات السابقة، لتنصهر كلها وتتلاحم في وحدة لم يعرف العرب
لها نظيرا منذ أقدم عهودهم التاريخية، وكانت بداية انطلاق وحدة الأمة العربي، ثم اتسعت لتظم أغلبية الشعوب الإسلامية طيلة عهود الخلافة الإسلامية.
6- تهيئة قوى المسلمين:
هذه قيمة إسلامية أخرى تمثل مرحلة التطور الاجتماعي في بنيان المجتمع الإسلامي الجديد، فبعد ظهور هذا المجتمع الناشئ بالمدينة، بدأت في الحال عملية تنظيمية وتعبئة قواه المادية والمعنوية، وقبل الهجرة لم يقاتل الرسول أحدا على الدخول في دينه، كانت دعوته مقتصرة على التبشير والإنذار، إلى أن صممت قريش على قتله وإبادة أصح
ابه، وألجأتهم إلى الخروج من ديارهم بغير حق، ولذلك كان أول تشريع نزل به القرآن بعد الهجرة يعطي المهاجرين الحق في قتال مشركي قريش " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله " – وتتابعت بعد ذلك الآيات التي قدمت للمسلمين وللبشرية أعدل قانون للقتال".
وفي السنة الثانية من الهجرة واجه الرسول وأصحابه في غزوة بدر قوة من مشركي قريش تبلغ 950 رجلا و 700 بعير و 100 فرس، بينما لم تكن قوة المسلمين تتجاوز 313 رجلا و 70 بعيرا وفرسين، وإذا كان المسلمون قد انتصروا مع ذلك على أعدائهم، بتأييد من الله، فقد كانت هذه المعركة مناسبة لتوعية المسلمين بضرورة التعبئة في قوله تعالى: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".
وقال المفسرون: لما لم يكن للصحابة في غزوة بدر استعداد تام نبههم الله تعالى في هذه الآية إلى أن النصر من غير استعداد لا يتأتى في جميع الأزمنة، بل الغالب عدم تأتيه بغيره، وقوله ما استطعتم شامل لما في طاقة البشر ومقدورهم، وجميع ما يدخله تحت كسبهم، وقوله من قوة، فسرت القوة هاهنا بجميع أنواع الأسلحة والآلات، وباتخاذ الحصون والمعاقل وبجميع ما يتقوى به في الحرب على العدو.
وليست التعبئة المادية إلا المظهر الخارجي للتعبئة الروحية، وهذه الأخيرة امتدت أبعادها انطلاقا من الهجرة النبوية في جميع المجالات، ولم تمض ثمان سنوات على الهجرة حتى كانت هذه التعبئة قد بلغت مدى أهلها لفتح مكة سلما بعشر آلاف مجاهد، واستسلمت قريش لتدخل طوعا تحت ظل الدين الجديد.
7- عمارة المساجد:
كان أول عمل قام به الرسول عليه السلام قبل أن يدخل إلى المدينة النزول بقباء عدة ليال، أسس خلالها (مسجد قباء) الذي هو أول مسجد بني بعد ظهور الإسلام، والذي وصفه الله بأنه مسجد أسس على التقوى من أول يوم، وصلى فيه الرسول بمن معه من الأنصار والمهاجرين، وهم آمنوا مطمئنون لأول مرة في حياة المجتمع الإسلامي الجديد.
كما كان أول عمل قام به بعد دخوله المدينة، بناء مسجده في المكان الذي بركت فيه ناقته أمام محلة بني النجار، وشارك رسول الله بنفسه في هذا البناء، ليكون قدوة في ذلك للمسلمين، وكان هذا البناء في منتهى البساطة، ولكنه تطور مع الزمن، وهو المسجد الذي دفن فيه الرسول، ويزوره ملايين المسلمين في كل عام.
ماذا كان يعني اهتمام الرسول ببناء المساجد؟ وما هو الدور الذي كان ينتظر أن يلعبه المسجد في حياة المجتمع الجديد؟
المسجد أولا بيت الله، ومكان العبادة وتطهير النفس.
والمسجد مركز الدعوة الإسلامية الأصيل.
والمسجد رمز الوجود الإسلامي، ونقطة الارتباط بين السماء والأرض.
والمسجد مدرسة الشعب، للكبار والصغار، من الرجال والنساء.
والمسجد ملتقى يومي لسكان الحي تتجدد به القيم.
والمسجد منبر عام لتوجيه وتوعية المجتمع.
والمسجد ملتقى أسبوعي لسكان المدينة تصقل فيه النفوس المؤمنة.
والمسجد منبر عام لتوجيه المجتمع.
والمسجد أخيرا المدرسة السياسية الدائمة التي يستمع فيها المسلمون إلى خطاب جامع أسبوعي،وكلما دعت الحاجة مما يهمهم معرفته من شؤون الدين والدنيا، كما يتعلم فيها المسلمون الوقوف في صفوف متراصة بين يدي خالقهم بدون فروق، ولا امتيازات و لا طبقات، تأكيدا لحقيقتهم الإسلامية الخالدة، وتجسما لقيم الإخاء والمساواة والوحدة، التي يحسونها ويؤمنون بها، والتي ترفع كل الحجب بين الإنسان والإنسان.
تجاوب المجتمع الإسلامي مع هذه القيم:
لقد أعطتنا نشأة المجتمع الإسلامي في المدينة بعد الهجرة، الفرصة العلمية لمعرفة الجواب عن السؤال الثاني الذي ألقيناه آنفا: هل تقبل المجتمع الإسلامي الناشئ هذه القيم وتجاوب معها؟ وإلى أي حد؟
ولعلنا لسنا بحاجة إلى الإطالة في الجواب، فقد تطلبت عملية الدعوة الإسلامية وإقناع المجتمع الجاهلي الوثني بها أكثر من عشرة أعوام من الجهد و العناء, و الجدل المنطقي, و الصراع الفكري، الاضطهادات المتوالية و خلال ذلك كان الاقتناع بالدعوة و الإيمان بقيمها يسير ببطء، ولكن في قوة وعزم، وجاء مجتمع المدينة الإسلامي الأول، ليؤكد تقبله وتجاوبه الكامل، وبلا حدود، مع هذه القيم، ثم جاء انهيار البنيان الوثني الجاهلي، واستسلام قريش في مكة بدون مقاومة، يوم فتحها من طرف مجتمع المدينة. ليغتح الطريق أمام المد الإسلامي، ليس فقط لدى جماهير الشعب العربي في الجزيرة، ولكن لدى كل الشعوب والأمم التي عرفته وآمنت به من قارات الأرض.
اثر هذه القيم في تغيير المجتمع العربي الإسلامي الأول:
لعل أهم سؤال يمكن أن يضعه عالم الاجتماع وهو يدرس حادث الهجرة النبوية يتعلق بأثر هذه القيم في تغيير سلوك المجتمع العربي الوثني، وتغيير مواقفه وعلاقاته.
إن مقارنة بسيطة بين نماذج سلوك الإنسان الوثني، ونظرته إلى الكون والطبيعة والحياة والمجتمع الإنساني موقفه الواقعي، وعلاقاته الإنسانية المنبثقة من إيمانه بالله، وفكره المنطقي المتجاوب مع واقعه، هذه المقارنة تشرح لنا مظاهر وأبعاد التغير الكبير الذي عرفه المجتمع الإسلامي منذ الهجرة النبوية، كما عرفته كل المجتمعات الوثنية والمسيحية التي دخلت في ظل الإسلام.
لقد كان الإسلام بالنسبة إلى المجتمع العربي، وكل المجتمعات الأخرى ثورة حقيقية كاملة ضد كل أوضاع التخلف والانحطاط الفكري والاجتماعي والاقتصادي، ولولا الإسلام ما خرج العرب من جزيرتهم، ولما كانت لهم بعد نحو نصف قرن من الهجرة النبوية، حدود تمتد من الخليج إلى المحيط، ولما أنشأوا تلك الحضارة التي غزت العالم كله، وكانت أساس حضارته العلمية المعاصرة.
ولإبراز أهمية " البنية الجديدة والقيمة " التي أنشأ عليها الإسلام مجتمعه الأول، نذكر على سبيل المثال ما حدث في غزوة حنين التي جاءت عقب الانتصار الكبير الذي حصل عليه المسلمون بفتح مكة، وكان له رد فعل عند القبائل العربية الكبيرة المجاورة لها حيث اجتمع زعماؤها وقالوا: قد فرغ محمد من قتال قومه، ولا ناهية له عنا، فلنغزه قبل أن يغزونا، وسلموا قيادتهم إلى الملك بن عوف النصرى الذي عبأ جيشا كبيرا، وأمر المقاتلون بأن يأخذوا معهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، ولما علم ذلك دريد بن الصمة المشهور بأصالة الرأي، وشدة البأس في الحرب، وكان شيخا طاعنا في السن، سأله عن السبب فقال:
- سقت مع الناس أموالهم و ذراريهم ونساءهم لأجعل خلف كل رجل أهله وماله يقاتل عنه.
- وهل يرد المنهزم شيئا؟ إن كانت لك لن ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك. ويقول كاتب السيرة، إن قائد الجيش مالك بن عوف لم يستمع لنصيحة دريد بن الصمة، فجعل النساء صفوفا وراء المقاتلة في المعركة، ووراء النساء الإبل ثم البقر ثم الغنم كيلا يفر أحد من المقاتلين.
لقد شرح لنا مالك بن عوف موقفه هذا، طبيعة الفكر الجاهلي الوثني الذي كانت قيمه تتجه لتقديس المادة مجسمة في الأصنام، تليها في الدرجة الأموال، فحسب التفكير السياسي والاجتماعي لمالك بن عوف ليس للقبائل التي يقودها في معركة حاسمة ومصيرية، انهزمت قريش قبلها – أية قيمة تدفعها للتضحية والقتال في سبيلها، غير القيمة المادية لنسائها وذراريها وأموالها.
ولما علم الرسول بتحالف هذه القبائل وخروجها لقتاله، خرج إليهم بالجيش الذي فتح به مكة، وبألفين من أهل مكة، ولكن إعجاب المسلمين بكثرتهم، وانضمام عدد كبير من المشركين والمنافقين والأعراب وحديثي عهد بالإسلام، تسبب في هزيمة الجيش الإسلامي أول المعركة، إن إعجاب المسلمين بقوتهم المادية العديدة وهو شعور جاهلي رجعي قلل من اعتمادهم قلل من اعتمادهم على قوة قيمهم الإسلامية الجديدة، ومما زاد في تدعيم هذا الاتجاه أن أغلبية الألفين الذين انضموا من سكان مكة إلى المهاجرين والأنصار كانوا من الماديين الانتهازيين، والطامعين في غنائم الحرب.
هذا الموقف الخطير الذي برز في أثناء المعركة جعل الرسول عليه السلام، وقد ثبت على بلغته في ميدان القتال وحوله عدد قليل من المهاجرين والأنصار، يطلب من العباس وكان جهوري الصوت، أن ينادي بالأنصار، فنادى يا معشر الأنصار، يا أصحاب بيعة الرضوان، فأسمع من في الوادي، وتدافع الأنصار أمام الأعراب المنهزمين في اتجاه الرسول وهم يقولون: لبيك لبيك، وحملوا على أعدائهم حملة شديدة جعلتهم يفرون في كل اتجاه تاركين نساءهم وأولادهم، وبلغت غنائم المسلمين من هذه المعركة عدا السبي من النساء اللواتي أطلق الرسول سراحهن فيما بعد، نحو أربعة وعشرين ألف بعير، وأكثر من ألف شاة، وأربعة أوقية من الفضة.
لا يهمنا هنا أن نستخلص من " صراع القوتين " في هذه المعركة فشل نظرية مالك بن عوف المادية، بقدر ما يهمنا عن سبب التجاء الرسول، وهو يرى طلائع قواته تنهزم، إلى الأنصار بالذات، ونجيب بأن الأنصار هم الذين تكون منهم ومن المهاجرين المجتمع الإسلامي الأول بالمدينة، ذلك المجتمع الذي اكتمل تكوينه الديني، وازدهاره الفكري وأتيح له أن يعيش في مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم ثمان سنوات قبل غزوة حنين، استوعب خلالها مبادئ الإسلام وتعاليمه السامية، وامتص قيمه الأساسية، وهكذا أصبح الأنصار حزب الإسلام الأول الذي تكونت عنده " بنية قيمية " إسلامية، أصيلة وثابتة، أهلته ليصبح مؤمنا نصيرا، يمكن الاعتماد عليه في الشدائد.
ومما يؤكد هذه الحقيقة، يشير إلى النظرة الخاصة التي كان ينظر بها الرسول عليه السلام إلى الأنصار، أنه عندما وزع غنائم هذه الغزوة على قريش وقبائل العرب، وترك الأنصار، غضب بعض هؤلاء وقالوا: إن هذا لهو العجب، يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، ولما بلغ ذلك لرسول الله جمعهم على حدة وقال:
" يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم؟ ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداءا فألف الله بين قلوبكم؟ أوجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار، في قناعة من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاه والبعير، وتذهبوا إلى رسول الله إلى دياركم؟ فوالذي نفسي بيده، لو أن الناس سلكوا شعبا لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت إمرا من الأنصار "فبكى القوم حتى أخضلت لحاهم، وقالو: رضينا بالله ربا، وبرسول الله قسما.
ومن هذا يتبين لنا المكانة التي كان يتمتع بها الأنصار عند رسول الله، ترجع إلى أنهم كانوا يمثلون "مجتمع القيم الإسلامية "أصدق تمثيل، تلك القيم التي أهلتهم فعلا لأن يحولوا هزيمة حنين إلى انتصار كبير.
استمرار هذه القيم في المجتمعات الإسلامية خلال التاريخ:
يهتم الباحث الاجتماعي أيضا بسؤالنا الأخير: ما هو أثر هذه القيم في المجتمعات الإسلامية خلال التاريخ؟ وما الذي بقي منها في مجتمعاتنا المعاصرة بعد أربعة عشر قرنا من الهجرة النبوية؟ وهل هي من نوع القيم المرحلية العابرة التي تتطلبها حاجات المعاصرة المؤقتة، أم لها الاستقرار والاستمرار؟
ونجيب في إيجاز كبير، بأن المجتمع الإسلامي واجه خلال التاريخ غزوات دينية واستعمارية، ساحقة وطويلة المدى، من طرف خصومه الكثيرين، وخاصة في فترات ضعفه، وتضعضع مؤسساته، كانت لها، من وجهة نظر الحساب المادي للأشياء، كل إمكانيات التغلب والقضاء والإطاحة بأبنية هذا المجتمع، وفي كل مرة كنا نشاهد أن نظريات الحساب المادي للأشياء، وكل التقديرات العلمية التي تنظر إلى المجتمع الإسلامي من الخارج، كانت تقع في الأخطاء، لتوجه الفشل الذريع آخر الأمر.
تقدير " طاقة القيم الإسلامية " التي منحها الإسلام للمجتمع العربي والمجتمعات الإسلامية الأخرى، بجميع أبعادها وإمكاناتها ومعطياتها، عملية شاقة علميا، حتى على الباحثين المسلمين المتمكنين من الثقافة الإسلامية الأصيلة، لأنها تتناول في أغلبها قيما معنوية روحية متربة في أعماق المجتمع المسلم، تحتاج إلى دراسات ميدانية، متعمقة ومتنوعة، لاستشفاف واكتشاف طبيعتها وحقائقها.
إن الباحث المتتبع لسير التاريخ العربي الإسلامي، يلاحظ دوما أن هذا المجتمع قد ينهزم أمام قوة غازية تفوقه تنظيما وتسليحا، ولكنه يستسلم استسلام النفسي، أي تقبل الهزيمة واستمراؤها،والاندماج فكريا أو عاطفيا أو اجتماعيا مع الأعداء والمهاجمين، هذا الاستسلام يتعارض مع طبيعة (بنيته القيمية) اعني البنية الفكرية- الروحية التي استمدت خيوط نسيجها من القيم الإسلامية المذكورة آنفا، واكتسبت لحمتها من خلال الممارسة الفعلية الجاهدة، في عهد الرسول عليه السلام، وعهد خلفائه الراشدين من بعده، لتقاليد ومؤسسات هذه القيم.
ولعل التاريخ لم يسجل لأمة على وجه الأرض، من القدرة على الصمود والمقاومة، وتحمل الشدائد، ما سجله لشعوب الأمة العربية الإسلامية، فالحروب الصليبية التي أعلنتها الكنيسة المسيحية بزعامة ملوك أوربا الغربية على شعب فلسطين العربي الإسلامي وأراضيه المقدسة، استمرت حملاتها الثمانية 195 سنة (1096-1291م) وكانت الفترة بين كل حملة وحملة تتفاوت بين 7 سنوات و50 سنة، وتستمر كل حملة ما بين سنة واحدة وست سنوات، ومعنى هذا أن أوروبا الغربية خصصت قرنين من تاريخها لتعبئة كل طاقاتها الاقتصادية والعسكرية من أجل استرجاع قبر المسيح ونشر سيادتها على الأراضي المقدسة، وأخيرا انتصرت المقاومة الإسلامية بظهور السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي هزم الصليبيين في معركة حطين، وفتح بيت المقدس، وانتزع منه عود الصليب أول القرن السابع الهجري (1187).
وبينما كان الصليبيون يواصلون حملاتهم العسكرية من الغرب، ضد المسلمين في المشرق الأوسط، كانت غارات المغول والتتار الوثنيين من المشرق الأقصى، قد ظهرت مع بداية القرن الثالث عشر، لتقوم بعمليات التخريب والتدمير للحضارات الإنسانية التي مرت بها، وخاصة لحضارة الإسلام، فقد واجهت الشعوب الإسلامية في الصين وروسيا والهند وفارس هذه الغرات التخريبية بمقاومة شديدة، وفي غمرة الانتصارات التي حققها المغول في زحفهم أيضا واحتلالهم لأوروبا الشرقية، جاء هولاكو ليركز لواءه في الشرق الأدنى سنة 1256م، واتجه على بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية التي احتلها سنة 1258م بعد قتل الخليفة المستعصم، ليترك جنوده تنهب قصره، وتخرب المدينة كلها، وتحرق خزائن كتبها، وتقضي على معالم حضارتها.
ومع ذلك، فإن قيم المقاومة، والأخوة، والتعبئة، والوحدة، والتحرير، السارية في شرايين الأمة الإسلامية، انطلقت من دولة المماليك بمصر مرة أخرى، وزحف السلطان بيبرس بجيوشه ليسحق المغول والصليبيين المتحالفين معهم، وينزل بهم أكبر هزيمة عرفوها، في معركة عين جالوت بفلسطين سنة 1260م، ولينتزع سورية بكاملها من أيدي هولاكو وخلفائه.
وإذا كان الصليبيون قد اقتنعوا، بعد قرنين من الحروب، بضرورة عودتهم النهائية إلى أوطانهم في أوروبا، فإن المغول الذين عاشت إمبراطوريتهم عدة قرون في نواح مختلفة، واجهوا مصير آخر في أرض الإسلام، فهذا غازان بن أرغون حفيد هولاكو الذي نشأ في البوذية، يعتنق هو وجميع أفراد جيشه الإسلام فبيل ارتقائه العرش، ويختار المذهب السني، ويعيد تنظيم القضاء في فارس بعد أن عبث به العرف المغولي الساذج، ويعيد للشرع الإسلامي سلطانه وقوته، ويوقف أموالا ضخمة على المساجد المحلية ودور العلم، لقد ذاب المغوليون الوثنيون المتوحشون إذن في الإسلام، واستمرت القافلة الإسلامية في مسيرتها.
هذان مثلان من التاريخ البعيد، وفي تاريخنا الحديث مثل من كل بلد إسلامي، في مشرق الأرض ومغربها، تحرر من سيطرة الاستعمار الغربي بفضل قيمه الإسلامية التي لم تخمد قط شعلتها. وشعوبنا في أقطار المغرب العربي تعرف هذه الحقيقة. وهي تعترف بها اليوم، في كل مناسبة.
إن الشعوب الإسلامية تجد نفسها في كل مرة، مضطرة لإحناء رأسها أمام حملات أعدائها الضخمة، دون أن تستسلم للعدو، وفي يوم ما قبل بداية ثورة التحرير الجزائرية سنة 1954 كانت فرنسا والعالم معها وحتى بعض الجزائريين أنفسهم، يعتقدون أن الإسلام في الجزائر قد انتهى بعد 132 عاما من الاستعمار والتنصير، والفرنة، والإدماج الكامل لشعبها وأرضها في فرنسا، وخلال ثمان سنوات من يقظة القيم الإسلامية، واشتعال ثورتها المتأججة استعادت الجزائر المسلمة استقلالها وشخصيتها ووجودها الذاتي، لتحطم كل ما أقامه الاستعمار في مائة وثلاثين عاما، واستأنفت القافلة الإسلامية مسيرتها.
وإذا كان التاريخ يعيد نفسه، لأن القوانين التي تتحكم في مجتمعاته واحدة لا تتغير، فمن هو هذا الباحث الاجتماعي الذي لا يؤمن اليوم بالمصير الحتمي للحروب الصهيونية الجديدة، والحملات الاستعمارية على أرض فلسطين؟
لقد مر حتى الآن أكثر من نصف قرن على مقاومة الشعب الفلسطيني لعدوان اليهود المغتصبين لأرضه، وأكثر من ربع قرن على قيام إسرائيل، ومع ذلك فإن تصاعد المقاومة الفلسطينية ويقظة القيم الإسلامية في كل شعوب العالم العربي، تؤكد مرة أخرى المصير الحتمي الذي ينتظر الصهيونية والاستعمار في فلسطين، عاجلا أو آجلا.
إن وحدة الدول العربية من الخليج إلى المحيط، التي تجسدت في مؤتمر القمة العربي المنعقد في الرباط، وعزمها الصارم على تحرير الأراضي العربية المحتلة، وتعبئة كافة قواها لهذه الغاية، في جو من الأخوة والتعاون الوثيق، لهي الأدلة الحية اليوم على أن القيم المذكورة التي منحها الإسلام للمجتمع العربي منذ الهجرة النبوية، لم تكن قط من نوع القيم المرحلية العابرة، وإنما هي مستمرة ومستقرة وخالدة إنها هبة السماء لهذه الأمة، حملها وبلغها رسول هذه الأمة.
وإذا كانت المساجد لا تزال تبنى وتقام في كل حي جديد، بكل قرية ومدينة جديدة، وفي كل أرض عربية وإسلامية، منذ أقام رسول الله مسجده في المدينة المنورة حتى اليوم، تعلوا مآذنها في السماء مدوية خمس مرات في كل يوم بشعار الإسلام الخالد:
الله أكبر، فهذا يعني أن الإسلام يواصل مسيرته إلى الأمام مهما كانت الظروف والأحوال، إنه نداء السماء على الأرض، واستجابة الأرض لنداء السماء.