يجمع المطبخ المغربي بكل تفنُّن ولباقة بين الخضر والثمار المفعمة بأشعة الشمس، والبهارات النادرة والمعطرة، والأسماك الطيبة، واللحوم الشهية... ويعتبر المطبخ المغربي من أفضل المطاعم الشرقية فهو مشهور في العالم كله، ويثير شهيتكم إلى أقصى الحدود. إليكم الآن قائمة بأهم الوجبات التي يقدمها المطعم المغربي والتي ينبغي أن تذوقوها بأي شكل :
· قطبان اللحم المشوي : وتجدونها في كل مكان تقريباً، على مداخل الأسواق، أو في الساحات العامة، أو على حافة الطريق وأنتم مسافرون. وقطبان اللحم هذه تشوى أمام أعينكم. إنها وجبة لذيذة، رخيصة وسريعة في آن معاً.
· الكسكس : وهي الوجبة المغربية الشهيرة في كل أنحاء العالم. ويتناولها المغاربة عادة كل يوم جمعة في وجبة الغذاء. ولكن بإمكانكم أن تجدوها في المطاعم كل يوم. فهو وجبة شعبية أيضاً. وفي أثناء تجوالكم في المغرب يمكنكم أن تأكلوا ألف نوع ونوع من الكسكس. وذلك لأن هذه الوجبة تتغير بحسب المناطق، وبحسب الطباخين أو الطباخات. حاولوا أن تأكلوا الكسكس بأصابعكم كما يفعل المغاربة، لا بالملعقة والسكين على الطريقة الأوروبية.
· المشوي : وهو عبارة عن خروف مشوي على الفحم أو في الفرن. ولحمه يكاد يذوب في فمكم!...
· البسطيلة : وهي عبارة عن عجينة مرقَّقة محشوة بلحم الحمام واللوز. وهي من الأكلات المغربية الشهيرة بكونها مالحة وحلوة في نفس الوقت! وتوجد منها أنواع عديدة محشوة بلحم السمك، أو الدجاج، أو حتى بالحليب تقدم كنوع من الحلوى بعد الأكل.
· وجبات إفطار شهر رمضان الكريم : عندما تغرب الشمس في شهر رمضان يفطر المغاربة بنوع من الحساء اللذيذ جداً والذي يدعى الحريرة. وهو حساء مشكل من اللحم، والعدس، والحمص. ويقدم مع فطائر صغيرة على هيئة عش النحلة تدعى "البغرير" مرفوقة عادة بالزبدة المذابة والعسل. وهناك أيضاً الشباكية. وهي عبارة عن حلويات مقلية بالزيت ومغطوسة في العسل!... وهذه الوجبة "الخفيفة" تمكِّن الصائم من أن ينتظر وجبة العشاء الحقيقية التي ستقدم له في آخر الليل...
· الطاجين : هذه الكلمة تدل على وعاء الوجبة وعلى الوجبة ذاتها! والوعاء هو عبارة عن صحن مصنوع من الفخار مزين بغطاء مخروطي الشكل. وأما الوجبة فهي على العموم مليئة باللحم، أو بالدجاج، أو بالسمك بالإضافة إلى الخضار والتوابل الرائعة المذاق. ذوقوا هذا الطعام، وعندئذ تعرفون لماذا يشكل الطاجين الوجبة القومية للمغرب.
· الشاي بالنعناع : وهو يشكل خصوصية مغربية أيضاً. وكثيراً ما تُصب لك من فوق وعلى مسافة عالية تـثـير الانتباه والإعجاب. إنه الشاي الذي يبرد العطشان، ويدفئ البردان، ويملؤه بالنشاط والحيوية. الشاي الذي يشرب صباحاً، أو بعد كل وجبة طعام، أو في ساعة من ساعات النهار، لا فرق. إنها متعة لا يمكن لأحد أن يرفضها..
· الحلويات المغربية : حلويات بالعسل، كعب الغزال، فقاس باللوز، بالزبيب، غريّـبة باللوز، أو بالسمسم... إنها حلويات لا تقاوم!..
يعد الزعفران من أغلى المواد التي تستعمل في طهي الأطباق المغربية، حيث إن غراما واحدا من هذه المادة يستخلص من مسحوق 150 وردة، وتنتج كل وردة ثلاث شعيرات.
ويقدر الإنتاج السنوي من هذه المادة الزراعية النادرة في المغرب ما بين طنين إلى ثلاثة أطنان في أفضل الأحوال، ويستعمل الزعفران الأصلي، أو «الحر» كما يطلق عليه في المغرب، مع أكلات الأفراح والمناسبات الاجتماعية، خاصة «الطواجن»، الأكلة الأكثر رواجا في المغرب، وهي اللحوم المطهية مع الخضر، أو الدجاج المحمر مع الزيتون والحامض (الليمون).
ويقول الأطباء إن إضافة الزعفران للأكل تبقى مفيدة، لأنه مادة ضد التشنج، ويدخل الاسترخاء والانشراح على من يتناوله مع الأكل، كما أنه منبه للمعدة، ومفيد كذلك للأمعاء والأعصاب، ومنشط.. ويستعمل الزعفران إلى جانب استعمالاته في المطبخ المغربي في تركيبة بعض الأدوية المستخدمة لتنشيط القلب، كما يستخدم منذ القدم في علاج كثير من الأمراض بإضافته للأكلات، مثل النزلات المعوية، وتهدئة اضطرابات المعدة، وعلاج السعال الديكي، ونزلات البرد، والتخفيف من غازات المعدة، وكذلك في العلاج بالأعشاب. وأثبتت التحاليل المعملية أن الزعفران يحتوي على مادة تسمى (لروسين) طعمها حلو، وهذه المادة مقوية للأعصاب، ومنشطة ومنبهة. ومن أشهر المناطق المغربية التي تنتج الزعفران بلدة تالوين في عمالة (محافظة) تارودانت.
وتالوين بلدة صغيرة، تقع وسط سلسلة جبال الأطلسين الصغير والكبير، وبمحاذاة مجرى وادي زكموزن، حيث تسود الخضرة الدائمة، إلى جانب وجود الزراعة بالطرق التقليدية، التي تستهوي عشاق السياحة البيئية.
يعيش من زراعة الزعفران في المنطقة نحو 11 ألفا من السكان المحليين. وتعتبر الفترة ما بين الأسبوع الأخير من أكتوبر (تشرين الأول) والأسبوع الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) موعدا ملائما لجني المحصول الذي يتم بطريقة تقليدية، وتوظف فيه اليد العاملة المحلية، وتوجد بالمنطقة ثلاث تعاونيات لإنتاج الزعفران، إحدى هذه التعاونيات نسائية، وتتولى هذه التعاونيات عملية التجفيف والتخزين والتعليب، ثم التسويق على الصعيدين الوطني والدولي. في حين أن سعر بيع هذه المادة يتراوح ما بين 12 ألفا و15 ألف درهم للكيلوغرام الواحد، أي ما بين 1500 و1900 دولار.
وتتفتح زهرة الزعفران في الخريف، خلافا لمعظم أنواع الزهور الأخرى، ويزرع الزعفران عادة لمدة سبع سنوات متتالية، تترك بعده الأراضي المزروعة في حالة بوار لفترة قد تستمر 30 سنة. ويزيل الفلاحون الشتلات من الأرض في الصيف، ويزرعون مكانها شتلات جديدة. ويذهب الفلاحون لقطاف الزعفران في أكتوبر من كل عام. ويقول العربي، وهو فلاح من تارودانت، يعمل في حقول الزعفران، قام بهذا العمل لسنوات كثيرة «العمل في جني الزعفران عمل جد صعب، ويتطلب صبرا كبيرا ويدا عاملة تفهم في طرق الجني. نعمل مبكرا؛ إذ يتحتم علينا جمع الأزهار في يوم واحد».
يحتاج تحضير كيلوغرام واحد من الزعفران الجاف إلى 150 ألف زهرة، يجري قطافها خلال ساعات الصباح الأولى عندما تكون في أوجها، وتتفتح الأزهار عند مغيب الشمس، أما في الأيام الممطرة فيتأخر تفتحها بضع ساعات، وتستحيل معها عملية القطاف. ويشرح العربي «علينا أن ننتزع الوسائل من قلب الزهرة، وعلينا أيضا أن نفصل الألياف الحمراء عن التويجيات والبارزات الصفراء». وتابع «يجب تخزين الزعفران في حجرة مغلقة قبل المساء حتى لا يذبل». والمفارقة أن الحقل يعود في اليوم التالي ليزهر من جديد، وكأنه لم تقطف أزهاره بالأمس، ويدوم ذلك لمدة 20 يوما، وتستمر أثناءها عمليات القطاف.
وقالت زهرة، زوجة العربي «كنت أعمل في الحقول منذ صغري، ولم أتوقف عن ذلك بعد الزواج، وأذهب للمشاركة في العمل مع زوجي». وتضيف «العمل في الحقول صعب؛ لأنه غير مبرمج، فالعمل في الورش والمصانع يستغرق ثماني ساعات، أما في حقول الزعفران فيبدأ في السادسة صباحا وينتهي في العاشرة ليلا».
تشكل زراعة الزعفران موردا إضافيا لزارعي تالوين، وعملا جانبيا يدخل على نمط حياتهم تحولات في أكتوبر، ويكون الأكل في الحقل، وكثيرا ما تنقل أعمال المطبخ وغيرها مما يحتاجه المزارعون والمزارعات إلى هناك. وتقول زهرة «موسم قطاف الزعفران فترة صعبة يتغير خلالها نمط حياتنا، ويخرج عن مساره المعتاد.. ينصرف اهتمامنا في موسم القطاف عن الأولاد، وعن مشكلاتهم المدرسية، لينصب بكامله على العمل، لكن الأمور تعود إلى المعتاد بعد ذلك».
لا يستطيع الفلاحون بيع الزعفران الذي يجمعونه في أكتوبر من كل سنة إلا من خلال التعاونيات الزراعية التي ينتمون إليها، التي أوكل إليها أمر قطاف الزعفران، وإعداده، وبالتالي توزيعه على مختلف الأسواق. يقول العربي إنه «يتم ترويج زعفران مغشوش بسبب ارتفاع ثمنه، وذلك عن طريق خلطه بأعشاب مشابهة له، لزيادة الوزن، مثل العصفر المشابه له في اللون، وفي سرعة الذوبان بالماء، ويباع على أنه زعفران حر» ويضيف «المتمرسون في زراعة وجني الزعفران هم وحدهم الذين يستطيعون التمييز بين الأصيل والمغشوش؛ إذ إن أفضل أنواع الزعفران هو الذي له شعر أحمر، وليس في أطراف شعره صفرة، وأفضله الطري الحسن اللون، الذكي الرائحة، الغليظ الشعر، الذي يوجد في أطرافه شبه بياض».