: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، قال تعالى( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
للمحبة في الإسلام أهمية كبيرة ومنزلة عظيمة، فقد وردت كلمة الحب ومشتقاتها في أكثر من مائة آية في القرآن الكريم، وللمحبة مراتب عديدة أسماها وأعظمها حب العبد لربه تبارك وتعالى، فمن أحب ربه جل وعلا سهلت عليه العبادات وهانت عليه الطاعات، فنال بذلك أعلى الدرجات، وفاز برضا رب الأرض والسموات، ومحبة الله تعالى هي الأساس في أفعالنا وأقوالنا وعلاقاتنا مع من حولنا، وهي دليل على كمال الإيمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان».
ومحبة الله تعالى تستوجب محبة رسوله صلى الله عليه وسلم قال عز وجل( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»
وعلامة صدق محبته صلى الله عليه وسلم تكون بحسن الاقتداء به قولا وعملا، وكثرة ذكره والصلاة عليه وعلى آله صلى الله عليه وسلم لاسيما في مثل هذا اليوم المبارك يوم الجمعة.
واعلم أخي المسلم اختي المسلمة أن المحبة تشمل الوالدين والزوجة والأولاد، فتظلهم بمودتك، وترعاهم برعايتك، وتشملهم بعنايتك، وربما يكون من معاني الحب الصحيح أن تمنع عنهم أحيانا بعض ما يحبون إن كان فيه ضرر عليهم، وأن تأمرهم بفعل ما فيه مصلحتهم مما ليس فيه يرغبون إن كان في ذلك خير لهم.
ومن المحبة المحمودة أن يحب الرجل زوجته ويخلص لها الود والوفاء، وتبادله هي كذلك الحب والإخلاص والوفاء، فتتحقق لهم المودة والرحمة، قال تعالى( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)
وهذه المحبة يثاب عليها العبد الثواب الجزيل في الدنيا والآخرة، فالمرء يحشر مع من أحب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى الساعة؟ قال:« وما أعددت للساعة». قال: حب الله ورسوله. قال:« فإنك مع من أحببت». قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبى صلى الله عليه وسلم:« فإنك مع من أحببت».
عباد الله: محبتنا لمن حولنا تستوجب علينا أن تتسع صدورنا لمن أخطأ في حقنا، وأن نتسامح مع من أساء إلينا، فمن علامات الإيمان نشر المحبة في البيت وبين الأهل والزملاء وفي العمل وبين الجيران وفي المجتمع كاملا، فالمحبة سبب لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»
ومن جوانب المحبة حب الإنسان لعمله، واهتمامه به، لأن هذا الحب يدفعه إلى الإبداع والإتقان والارتقاء بعمله إلى أعلى من مستوى أدائه للواجب فيؤدي المحب عمله بإتقان وهمة، ويبلغ به التميز والقمة.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب كل عمل يقربنا إلى حبه سبحانه، ونسأله أن يوفقنا لطاعته وطاعة من أمرنا بطاعته، عملا بقوله تعالى( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
حب الإنسان لوطنه من الإيمان، وفطرة فطر عليها الإنسان، فهذا سيد ولد عدنان خرج من مكة بعد أن عاش فيها زمان، وودعها وداع المحب- فقد كانت شعابها له أوطان- قائلا صلى الله عليه وسلم :« ما أطيبك من بلد وأحبك إلى، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك».
ومن ثمار حب الوطن أن نبذل كل جهد لخدمته ونعمل جميعا على رفعته، ونحمي كل مكتسباته، ونساهم في بنائه وعزته.
عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا»
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك مما سألك منه عبادك الصالحون، ونستعيذ بك مما استعاذ منه عبادك الصالحون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون)