وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا التَّسْلِيمُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: ((قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ))
وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ))
وعن أبي مسعود الأنصاري قال: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ: ((قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ))
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى، إِذَا صَلَّى عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النبي، وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ))
وعن بريدة الخزاعي قال: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: "اللهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا جَعَلْتَهَا عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ، وَبَارَكْتَ، وَتَرَحَّمْتَ، عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حُمَيْدٌ مَجِيدٌ))
وعن عبدالحميد بن عبدالرحمن دَعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ حِينَ عَرَّسَ عَلَى ابْنِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عِيسَى، كَيْفَ بَلَغَكَ فِي الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؟ فَقَالَ مُوسَى: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ خَارِجَةَ عَنِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَنَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسِي: كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: ((صَلُّوا وَاجْتَهِدُوا، ثُمَّ قُولُوا: اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ))
في هذه الأيام سيكون حديثي معكم عن أمر خطير يقع فيه الكثير؛ وهي: "آفات اللسان"، وآفات اللسان منها ما يكون كفرًا وشركًا، ومنها ما يكون بدعة، ومنها ما يكون معصية، ومنها ما يكون فضولاً من الكلام الذي قد يجرُّ إلى الإثم؛ ولذلك سنركّز هذه الأيام، على هذه الآفات، ونضرب بعض الأمثال التي تشتهر بين العامّة ويتداولونها وربما كانت كفرًا أو شركًا بالله -عز وجل-، والكثير لا يشعر بها .
وخطورة آفات اللسان خطيرة جدًا هو الذي يسْلِمُك أو يَظلِمُك، هو الذي فيه نجاتُك وفيه هلاكك وخسارتُك، هو الذي به يُنطق بالحق، ويُتلى الكتاب، ويُذكر به الله -جل وعلا-، وبالمقابل فيه ما يُسخط الله -تبارك وتعالى-، وما يوقع صاحبه في متاهات لا تُحمد عقباها وهذا هو الذي حذى بنا إلى اختيار هذا الموضوع في هذه الأيام،
لأن آفات اللسان كثيرة وخطيرة وموبقة إلا من رحم الله -جلَّ وعلا-؛ فسخّره في طاعة الله -جل وعلا-؛ يقول الله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}، ليست شهادة الزور قاصرةً على الشهادة التي فيها إسقاط حق أو إحقاق باطل، هذا جزء من شهادة الزور؛ وإلا فالزور يشمل كل باطل ينطق به اللسان؛ ولذلك سمَّى الله -جلَّ وعلا- كل ما ينطق به اللسان من الأمور الباطلة زورًا، وسمَّى كل ما يتحدث به المرء من المحرمات زورًا وبهتانًا وكذبًا ومَيْنًا، ويقول -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}
انتبه، كلمة: {قَوْلاً سَدِيدًا}؛ أي: لا تنطق إلا بالقول الطيب، بالقول الصواب، بالقول الذي يقربك إلى الله -جل وعلا-، وإيَّاك أن تقول القول غير السديد الذي يوقعك في مساخط الله -سبحانه وتعالى-؛فإن المرء ليتكلم بالكلمة لا يلقي بها على بالٍ تقع به في جهنم سبعين خريفًا، لذلك لابدَّ أن تتنبَّه لذلك، وأن تَحذر منه، ومن هنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)) ويقول عليه الصلاة والسلام لمعاذ: ((كُفُّ عَلَيْكَ هَذَا)) أو ((أَمْسِكْ عَلَيْكَ هَذَا)) كما في الرواية الثانية؛ قال يا رسول الله: ((وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ)) قال: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ)) وهذا دعاء غير مقصود((وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ أّوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ)).
ولذلك يقول أيضًا عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَمَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك يقول الحكماء: "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته أهانك"، إن تركت له الحبل وأطلقت زِمامه؛ ألقى بك في دياجير الظُلَم، وإن أمسكت بزمامه وعوّدته على ذكر الله -سبحانه وتعالى-؛ فسوف تَحمَدُ النتائج بعد ذلك .
كلمة قد يتهاون بها المرء تخرجه من الإسلام، كلمة يرددها العوام تخرجهم من الدين، وسنبدأ بما هو أخطر؛ وإلاّ فهناك الكفر، وهناك الشرك، وهناك الكذب، وهناك الغيبة، وهناك النميمة، وهناك قول الزور، وهناك اللعن، وهناك السبّ، وهناك الشتم، وغير ذلك؛ لكننا سنبدأ بضرب أمثلة بما هو كفر بواح مما ينطق به اللسان -والعياذ بالله- كفرٌ بَواح.
من أكثر الأشياء التي ما سمعتها في حياتي إلا في بعض الدول الإسلامية المجاورة، أول ما وطِئت قدماي تلك الدول سمعته، وكان مستغرَبًا؛ لأنه لا يخطر ببال أحد، فعرفت لماذا عوقب المسلمون وغزيت ديارهم وسلبت، بالإضافة إلى ألوان الفساد الأخرى؛ لكن هناك الكفر الذي ينطق به أحدهم، فقد سمعنا في تلك البلاد بآذاننا من يسب الله -عز وجل-! ويلعنه!أشياء يَندى لها الجبين، ويقشعر منها البدن؛ لكن لابد من ذكرها، وحاكي الكفر ليس بكافر والله -عز وجل- حكى عن فرعون قوله:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} وحكى عنه قوله:{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}؛ لابد من بيان هذه المخالفات حتى يتبين المسلم دينه، ويعرف دينه.
وسبُّ الله -عز وجل- أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم كفرٌ بَواح، لا يقبل الله من قائله صرفًا ولا عدلاً حتى ولو قال: أنا لا أقصد؛ فإن هذا ليس فيه قصد أو عدم قصد؛ يعني لا يعرف معنى سبّ الله أو سبّ رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يعرف أنه كفر وهو متعمِّد، تجده في حالة شجار عادي بينه وبين رجل، وقد سمعنا هذا حتى في مواقف السيارات بين السائقين في تلك البلاد المجاورة، بلاد إسلامية وللأسف عربية، وتسمع هذا الأمر، تسمع سبّ الله، سب النبي صلى الله عليه وسلم، سب الدين، ويقول لك: أنا لا أقصد! كيف لا تقصد؟! هذا ما به قصد، لا يُنظر إلى قصده؛ بل بمجرد أن يخرج منه هذا اللفظ يُعتبر كافرًا مرتدًا، مرتد بدون قيد ولا شرط، عليه أن يجدّد إسلامه حتى إنه تَطلق منه امرأته، وإذا جدد إسلامه عقد عليها من جديد؛ لأنها لم تعد زوجة له في مثل هذه الحال، { لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} وإذا كانت القائلة مرأة لا تُمسك بها؛ فإنها كافرة {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}
وما كنت أتصور والله قبل بضع سنوات، كنت مسافرًا أزور شيخنا الشيخ الألباني
-رحمه الله- قبيل وفاته، ما كان يخطر ببالي أن أسمع مثل هذا الكلام، فانتبهوا، الأمر خطير، لماذا توجد هذه الفتن المتلاحقة والكوارث على المسلمين؟ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}
ولذلك ضاعت ديارنا وأوطاننا عند اليهود وغير اليهود، والسبب نحن {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}.
فانتبه -يا عبد الله!- إذا رأيت ألوانًا من هذا المجتمع؛ فانصحهم بالعودة إلى الإسلام؛ وإلا فابتعد عنهم وتبرَّأ منهم؛ فإنه طالما استمر على هذا الحال فإنه كافر؛ أعني من يسب الله، أو يسب الدين، أو يسب النبي صلى الله عليه وسلم، فبمجرد السب باللسان ولو لم يعتقد بقلبه يُخرجه من دائرة الإسلام، انتبهتم؟
البعض حتى إذا غضب على سيارته؛ قال: يلعن دينك! ناهيك عن سب الله وسب الرسول صلى الله عليه وسلم.
نحن نصيح: الكفار، وماذا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم، الكفار لا تستغرب منهم، هم يعتقدون رسالة الإسلام غير صحيحة، ويعتقدون أن الإسلام كله غير حق؛ فهل نستغرب منهم إذا سَوّوا ولاّ رسموا كاريكاتورات ولا شيء من هذا القبيل؟ نقيم الدنيا ونقعدها ونحن لم نُصلح داخلنا.
فهذا من أكبر الكفريات، من أكبر أنواع الكفر: سب الله ورسوله، وهي من اّفات اللسان العظيمة الخطيرة؛ لذلك بدأنا بها قبل كل شيء، أعظم من الكذب، أعظم من الغيبة والنميمة، أعظم من كل شيء؛ سبّ الله ورسوله أو سب الدين، وهذا من آفات اللسان التي توجد في بعض المجتمعات الإسلامية .
أيضًا من أمثلة آفات اللسان الكفرية: قول البعض من الناس إذا أصابته مصيبة: لماذا يا ربي تفعل بي هكذا؟ ماذا فعلت يا ربي؟ إيش سويت؟ -على حد تعبيرهم- ماذا فعلت؟ لماذا أنا بالذات يا رب؟ -نسأل الله العافية والسلامة-، وهذا يقع خصوصًا بين النساء، تجدها تلوم ربها على ما فعلت ولا تلوم نفسها التي تجرأت على الفعل! وكأن المصيبة التي حلت كأنها مظلومة، وهي ليست مظلومة، لو كانت مؤمنة حقًا؛ لصبرت واحتسبت، وعلمت أن كل هذا من عند الله، واحتسبت الأجر عند الله -سبحانه وتعالى-؛ فالذي يقول: لماذا يا ربي تفعل بي هكذا؟ ماذا فعلت حتى تصيبني هذه المصيبة؟ هذا أيضًا من الكفريات المخرجة من الدين؛ لأنه يعترض على القدر، يعترض على ربه، يعترض على حكم الله -سبحانه وتعالى- فعليه أيضًا أن يجدد إسلامه، هذا خطير جدًا؛ بل هو الكفر بعينه.
من الأمثلة أيضًا: الاستهزاء بالدين، الاستهزاء بالسُنّة، الاستهزاء بآيات القرآن، الاستهزاء، بالمؤذن لقصد الاستهزاء بالدين نفسه.
فالاستهزاء بآيات الله، بالقرآن بالسنّة، بأهل السنة، بزَيْدٍ من الناس لأنه يطبق سُنّة؛ مثل أولئك الذين يتندَّرون بمن يُصلُّون، ويتفكهون بنشاط هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقصد التشويه، ويستهزئون بمناداتهم للصلاة، أو يمثلون ذلك في بعض تمثيلياتهم ونحو ذلك؛ فالاستهزاء بالدين كفرٌ، مرتدٌ صاحبه، والله -عز وجل- كفَّر بأقل من هذا اللون من الاستهزاء، كفَّر الذين قالوا: "ما رأينا مثل قرَّائنا هؤلاء أكبر بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء" يقصدون النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه؛ فنزلت الآية تُكفِّرهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} الاستهزاء بالدين، الاستهزاء بالسنة، الاستهزاء بأهل الدين من أجل الدين، الاستهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام كفرٌ، ينقل العبد من حظيرة الإسلام.
إذًا الاستهزاء كفر؛ فيجب أن نَحذر منه، وأن نُحذِّر الناس في بيوتنا من أهلينا وأبنائنا وبناتنا من التهكم بالدين وأهله أو السخرية، وهذه من علامات المنافقين هم الذين يسخرون من أهل الدين، {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
فإن هذا من عادات الكفار، السخرية بأهل الدين، والاستهزاء بآيات الله، والاستهزاء بالقرآن أو بالسنّة أو بأهل السنة من أجل تطبيقهم للسنة؛ يعني مثل شخص يقول لك: "والله فلان ملك هذه اللحى الذي مثل المكنسة"، هذه سخرية بشعيرة من شعائر الدين، فإذا استهزأ شخصٌ بشخصٍ من أجل دينه؛ فقد كفر بنص الآية القرآنية.
من آفات اللسان أيضًا: قول بعض العوام: "الشفاعة يا رسول الله"؛ يطلبها مِنْ مَنْ؟ من النبي صلى الله عليه وسلم الآن؛ فهذا شرك، إنما يجب أن تقول ماذا؟ "اللهم شفّع فيّ نبيك ونبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، اللهم ارزقني شفاعة نبيك، اللهم لا تحرمني من شفاعة نبيّك"، أو نحو ذلك من عبارات التوحيد؛ ولذلك جاء في حديث الرجل الأعمى الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو له جاء في آخره "اللهم فشفِّعه فيَّ وشفعني فيه"؛ أي: "اللهم اقبل فيّ شفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم" فهمت أخي الكريم؟ أما لو قال: "اشفع لي يا رسول الله" أو لو قال: "الشفاعة يا رسول الله" الآن؛ فقد أشرك بالله -عزَّ وجل-، وهذا هو شرك الشفاعة المعروف عند الجاهلية قديمًا، وهي التي من أجلها بُعث الرسل وأُنزلت الكتب، {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}
مجرد طلب الشفاعة من المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق؛ هذا في حدّ ذاته كفرٌ وشركٌ ينقل من حظيرة الإسلام، فلا تقل: "الشفاعة يا رسول الله"، ولا تقل: "اشفع لي يا رسول الله" لا عند الزيارة ولا هكذا؛ وإنما قل: "اللهم ارزقني شفاعة نبيك"، أطلبها من الله؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سلوا الله لي الوسيلة والفضيلة فإنه مقام لا يناله إلا عبد وأرجو أن أكون أنا هو))فأنت تطلبها من الله، ((فمن سأل الله لي الوسيلة حلّت له شفاعتي يوم القيامة)) فأنت تطلب الشفاعة من الله -عزَّ وجل- أن يشملك ويرزقك ولا يحرمك من شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولكنها لا تُطلب من النبي صلى الله عليه وسلم الآن، ما تقول: "الشفاعة يا رسول الله"، فانتبه لِزَلَقات اللسان هذه؛ فإنها توقع في كفريات لا تعد ولا تحصى.
من مزالق اللسان الكفرية؛ قول القائل -إذا مرّ بقبر، أو توجه إلى قبر من قبور
الموتى-: "مدد يا فلان"، كلمة مدد؛ يعني: أغثني، أمدَّني بمدد من عندك، والمدد والغوث إنما يُطلب من الله -سبحانه وتعالى-، فمن يطلب المدد من غير الله فهو مشرك، حتى ولو صلّى ولو حجّ ولو زكّى ولو ولو، كل هذا يكون هباءً منثورًا {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}
مجرد طلب المدد من غير الله، طلب الغوث، طلب توصيل الأعمال إلى الله -جل وعلا- كما قال الكفار -مشركوا مكة وغيرهم-: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} هذا هو بعينه ما كانت تفعله الجاهلية ولا فرق والله وتالله، لا فرق بين من يقول: "مدد يا رسول الله، مدد يا حسين"، وبين من يقول: "مدد يا اللات والعُزّى ومناة وهُبَل" لا فرق، إذ الكل مخلوق، والمخلوق لا يُطلب منه المدد؛ وإنما يُطلب المدد من الله -جل وعلا-؛ بل بعضهم يعني يستجدي لدرجة أن يقول: "نظرة يا سيد فلان، نظرة يا ست فلانة، نظرة"؛ يعني: يستجدي حتى مجرد من هذا الميت أن ينظر إليه بنظرة عطف وحنان، نسي أن له ربًا يقول له:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}.
أما تأتي إلى ميت في قبره صالحًا كان أو غير صالح فتطلب منه المدد وتطلب منه الغوث؛ فهذا هو الشرك بالله -جل وعلا-، وهذا غيض من فيض من الشركيات، التي يقع فيها كثير من العوام، وسواءً عبّر بالمدد أو قال: "شِلِلَّه"، حوّروها اختصروها حتى صارت إيش؟ "شِاللَّه" أليس كذلك؟ "شِالله يا فلان" إيش يقصدون "شِالله"؟ أعطنا شيئًا لله أيها الميت! أليس هذا هو المعنى؟ إخواني أجيبوني؟ أليس هذا هو المعنى المقصود؟ "شِالله يا فلان"؛ يعني خلص اختصروها حتى ما يتعب، بدل ما يقول: يا فلان أعطني شيئًا لله صارت "شِالله يا فلان" حتى الذي يسمعها وهو لا يعرف لغة القوم قد لا يدرك أن فيها شيئًا، يظنُّه يطلب منه قرش أو ريال أو كذا "شِالله يا فلان" والمقصود إيش؟ أعطه ماذا؟ شيئاً لله ، بعضهم يقول "شِللَّه" وبعضهم يقول: "شِالله" اختصار، ترقيم -والعياذ بالله-، وهو الشرك بعينه الذي لا يقبل الله من صاحبه صرفاً ولا عدلاً.
لو أردنا أن نعد آفات اللسان من الكفريات، يمكن لو نقف شهر ما نحصيها، لكن سنعد ما يخطر بالبال مما نسمعه من بعض العامة، وأظن أن أحد الإخوة دَوَّنها في كتاب، لعلي أحصل عليه ونببِّه على كثير منها، فكلمة: "شلله يا فلان" "مدد يا فلان" "أغثني يا فلان" "نظرة يا فلانة" "نظرة يا سيد فلان" "نظرة يا ست فلانة" هذا هو الشرك بعينه، عبادة لغير الله، سؤال من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-؛ فاحذر يا عبد الله!
من آفات اللسان أيضًا: البعض من الناس له اعتقاد في الجن أنهم يقدرون على تخليصه من بعض المواقف؛ كما يقول العرب في الجاهلية: "نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه"، طيب انظر ماذا يجري، وكان موجود عندنا إلى عهد قريب، وسمعت أنه ما زال يوجد عند بعض العوام، وهو قولهم إذا أراد أن ينتقم من شخص: "خذوه" من يقصد؟ الجن، (شِلّوه، افعلوا به كذا، خذوه، أبعدوه، شِلوه"؛ يعني: اقضوا عليه؛ فهذا أيضًا من آفات اللسان الكفرية الشركية التي لها تعلق بتصوّر أن الجن يقدرون على أن يفعلوا به كذا وكذا.
ولذلك كان بعضهم قديمًا يذبح لهم -يذبح للجن-، عند بعض المعابد التي كان يُتعلق بها من دون الله، كان هناك "طِعْسْ" أعرفه، أنا أعرف مكانه الآن قريب، كانوا قبل خمسين سنة أو ستين سنة، الحمد لله زالت الآن هذه المظاهر الشركية، كانوا يذهبون إليه، المرأة التي لا تنجب "طعس يسمى: القَوْزْ" تعرفون الطِعس؟ يعني: كثيب من الرمل عالي جدًا، كانوا إلى عهد قريب يذهبون إليه، ولاسيما الرجل والمرأة اللذان لا ينجبان يذهبان إليه، ويذبحان له ذبيحة، لا يُؤْكل منها؛ وإنما المهم أن ْ ينثروا دمها هناك؛ ثم يبيتون في ذلك الكثيب، ويفعلون ما الله به عليم رجاء الحصول على الولد، خلاص الرملة ذي بتجيب لهم الولد!وينادونه: "يا فلان يا أولياء الله يا صالحون أعطونا كذا وكذا وكذا"، ليس فقط بالفعل؛ بل بالقول
-والعياذ بالله-؛ فهذا أيضًا من الكفريات والشركيات التي يقع فيها كثير من الناس.
ولعلّي أكتفي اليوم بهذه الأمثلة وبعد المغرب -إن شاء الله- وغدًا -إن شاء الله- بعد الفجر نواصل. لو قال لي شخص: طيب لماذا أنت تُشغِل نفسك بهذه الأشياء؟ طيب هذه موجودة بالمجتمع أو لا؟ طيب. لابدَّ أن ننبّه إخواننا؛ حتى يتخلصوا من هذه البقايا الجاهلية، التي ما زالت توجد في كثير من الشعوب والقبائل في البلاد الإسلامية؛ بل وفي العربية خاصة.