الحقوق الصحية للانسان في الاسلام
التعليم والتدريس الطبـــي في الإسلام
أما في مجال تعليم مهنة الطب والعلاج فلقد كان الطبيب في البدايات الحديثة لهذه المهنة يمارس عمله بعد قراءة بعض الكتب وبعد السعي الحثيث وراء المعرفة فيما يسمى بالمدارس البيتية، ثم إنتقل الأمر للمساجد في حلقات درس علمية وعلاج ...مثل حادثة إصابة الصحابي سعد بن معاذ يوم الخندق، فضرب له الرسول عليه السلام خيمة في المسجد ليعوده من قريب.
وحفاظاً على حقوق الناس الصحية وفي تلقي علاج طبي سليم حسب علومهم في حينها بدأ يظهر نوع من المراقبة على العمل الطبي فيما عرف بنظام الحسبة.. فنجد أن الطبيب أصبح يمر بمراحل إختبار العلم والقدرات قبل أن يرخص له بمزاولة المهنة.
يقول الطبيب العلامة أبو بكر الرازي في إختبار الأطباء :
"فأول ما نسأله عن علم التشريح ومنافع الأعضاء، وهل عنده علم بالقياس وحسن فهم ودراسة في معرفة كتب القدماء ، فإن لم يكن عنده فليس بك حاجة إلى إمتحانه في المرضى، وإن كان عالماً بهذه الأشياء فأكمل إمتحانه حينئذ بالمرض وإن رأيته يدري ففي الأدوية".
ويذكر التاريخ أنه حفاظاً على صحة الناس تم إستحداث إمتحاناً لإجازة الأطباء في أيام المقتدر وكان الذي يجري الإمتحان رئيس الأطباء، أما في أيام المأمون فقد بدأ إمتحان إجازة الصيادلة.
المدارس الطبية والبيمارستانات
كانت المدارس الطبية والمستشفيات في البداية بسيطة ثم أخذ الإهتمام بها يزداد مع تقدم العلم والمعرفة وظهور الحاجة الملحة لمثل هذه المؤسسات للحفاظ على حياة المرضى ومتابعة حالاتهم.
وكانت أول مدرسة طبية ظهرت في الإسلام في أنطاكية في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، وكثيراً ما الحقت هذه المدارس بالمستشفيات التي كانت تسمى البيمارستانات التي أشهرها البيمارستان الصلاحي في بيت المقدس والذي أقامه صلاح الدين الأيوبي، والعضدي في بغداد، أما أول مستشفى حربي فكان في خيمة السيدة رفيدة الأسلمية.
لقد كان للبيمارستانات في العهد الإسلامي نظاماً دقيقاً جميلاً في التعامل مع المرضى نفتقد الكثير منه الآن ومن هذه الأمور:
- العلاج بالمجان ويصرف في بعض الأحيان أموال لأسرة المريض.
- نظام حلقات الدرس حول المرضى.
- توفير الطعام المناسب للمرضى.
- توزيع المرضى على أقسام تتناسب مع أحوالهم ويعزل فيها الرجال عن النساء.
الطبيب المسلـــم
يقول الإمام الشافعي رحمه الله " لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب"... من أجل ذلك وحفاظاً على حقوق المرضى وحتى يتسنى لهم تلقي العلاج بهدوء وإطمئنان حدد الإسلام صفات خاصة يجب أن تتوفر في الطبيب بداية لتصبح في النهاية حق من حقوق المرضى والمجتمع وتستمد هذه الصفات من الشريعة الإسلامية نفسها، وفيها الخطوط الأساسية في أمور التحريم والتحليل ومن هذه الصفات:-
1- وجوب تقديم الخدمة عند تواجد الطبيب في حضرة المريض ويعتبر العلاج في هذه الحالة فرض كفاية لو تواجد أكثر من طبيب.
2- بدء الفحص بذكر إسم الله وبصوت عالي فالله هو الشافي والمعافي ، قال الرسول عليه السلام : " كل عمل ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر" . ومن ناحة أخرى ذكر إسم الله أمام المريض يدخل في نفسه الراحة والهدوء ، ومن ناحية ثانية كل عمل نبدأه بإسم الله فنحن نطلب الثواب من الله عليه.
3- الإستئذان قبل العمل.
4- أن يكون مخلصاً في عمله يقدم كل خبرته وطاقته من أجل المريض والمجتمع. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً".
5- حفظ حق المريض في الإستقلالية وإتخاذ الخيار الذي يريد فيما يخص الإجراء الطبي وحتى إختيار الطبيب إن كان هناك مجال لذلك.
6- حفظ حق المريض في معرفة ما يجري حوله من إجراءات وكيفية القيام بها، وخطورة الأدوية ومضاعفاتها، مع الأخذ بعين الإعتبار أنه في بعض الأحيان يضطر الطبيب لإخفاء معلومة عن المريض نفسه وليس عن ولي أمره سعياً لرفع معنويات جسم المريض وقدرته على مقاومة المرض
7- أن يتصف بالعطف والرحمة للمريض ، يقـول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام : " لن تؤمنوا حتى تراحموا" ويقول عليه السلام : " ليست الرحمة أن يرحم الرجل قومه إنما يرحم الناس جميعاً".
8- سعة الصدر مع المريض وأهله والمحيطين.
9- التواضع وغض البصر، عدم كشف العورة إلا للضرورة القصوى قــال تعالـــــــــى : " وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم"
(سورةالنور آية 30)
10- حفـــظ أســرار المريض وعــــدم فضحــه ، قـــال الرســول الكريـــم عليـــه الســلام " من ستر مسلماً ستره الله يوم القيام".
11- الأمانة في تقديم الإستشارة حين تطلب منه.
12- تجنب الممارسات غير المباحة شرعاً أو قانوناً كالإجهاض.
13- معالجة العدو كما يعالج الصديق.
14- العمل على تنمية خبرته بالدراسة والبحث والعمل.
15- أن يدرس العلوم الشرعية ما أمكن وبالذات تلك التي من الممكن كوصف بفقه الطب وهذه مسؤولية كليات الطب والجامعات الحكومية.
هذا الميراث السلوكي والأخلاقي هو الذي يحفظ للمريض حقه وحرمته وكرامته وصحته لكن نحن مازلنا حتى هذا اليوم وفي كثير من دولنا الإسلامية نعتبر أن قسم أبقراط هو البداية. مع أن قسم الطبيب المسلم الحديث فيه ملخص لكل هذه الأمور.
قسم الطبيب
أقسم بالله العظيم
• أن أراقب الله في مهنتي
• وان أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال باذلا وسعي في إستنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق.
• وأن أحفظ للناس كرامتهم وأستر عورتهم وأكتم سرهم.
• وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد ، للصالح والخاطيء والصديق والعدو.
• وأن أثابر على طلب العلم أسخره لنفع الإنسان.. لا لأذاه .
• وأن أوقر من علمني ، وأعلم من يصغرني، وأكون أخاً لكل زميل في المهنة الطبية متعاونين على البر والتقوى.
• وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي ، نقية مما يشينها تجاه الله ورسوله والمؤمنين.
والله على ما أقول شهيد