رسالة تناصح فيها فتاة غارقة في لهوها منهمكةفي غيها اتصلت علي اختها فطلبت منها لمعرفتي بصلاح وخير وخير وتقى اختها فاطمة ان تقرا علي اخر رسالة ارسلتها من جوالها







مسن يطلب اختباره قبل الوفاة


طلب مسن من ابنه أن يختبره في القرآن الكريم، قبل وفاته بساعتين فقط وهو على فراش الموت.

ويروي محمد الحارثي من سكان حي العنود في الطائف القصة بقوله: «والدي يعاني من مرض شديد منذ شهر رمضان، وطلب مني أن أختبره في القرآن الكريم حيث كان يردد عبارة «اختبرني لقد وصل»، وبعدما فرغت من سؤاله أخبرته باجتيازه للاختبار، ودعا بصوت منخفض مع ترديد آية قرآنية، ثم خلد للنوم».

وبين الحارثي أن والدته أخبرته بعد وقت قليل بتغير حالة والدي، ما دفعني لنقله إلى المستشفى ولكنه كان قد فارق الحياة.



تنطق بالشهادة وقلبها متوقف !!

الدكتور خالد الجبير: في الساعة السابعة إلا ربع اتصل بي الإسعاف وقال

- إن هناك مريضة أصيبت في جلطة نريدك أن تأتي لتراها جئت، وعندما وصلت إلى باب الإسعاف توقف

قلبها، بدأت أدلك وما أن بدأت دقيقة أو دقيقتين إذا بها تصحي وتنظر إلى السماء كأنها تخاطب أحداً ثم

ترفع يدها وتقول:

أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..

فأقف ثم تقف ثم أبدأ بالتدليك، وأدلك لمدة دقيقتين أو ثلاثا وتعيد الكرة وتنظر إلى السماء وترفع يدها وتقول:

أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..

ثم تقف وأبدأ بالتدليك ،وفي المرة الثالثة رأيت العجب رأيت قدرة المولى - سبحانه

وتعالى - كررتها للمرة الثالثة تنطق بالشهادة وإذا بعيني تقع على جهاز القلب الموصول بقلبها وأجد قلبها

لا يعمل ولسانها أنطقه العزيز المنان الكريم التواب الرحيم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ليكون


حجةً علي وعلى غيري ..

أنطقها بالشهادة لأنها عرفت ربها فحفظها ربها.


* ذهبت إلى زوجها معزياً وبعد أن عزيته ذكرت له ما رأيت فيها، قلت: على أي شئ زوجتك هذه؟

- قال: يا دكتور أنا لا أستغرب، فمنذ أن تزوجتها منذ 35 عاماً لم تترك قيام الليل إلا بعذرٍ شرعي.


* فمن منا يا إخوان يقوم الليل؟ قليل ماهم ..

- إخواني من يريد أن يكون مع المصطفى صلى الله عليه وسلم؟

أصبحنا لا نستحي ينزل رب العالمين ذو الجلال والإكرام الرحمن الرحيم ينزل إلى السماء الدنيا ونحن نيام ..

- رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ..

ونحن كأننا ضمنا الجنة كأننا ضمنا كل شئ ..

- لا نقوم وإذا قمنا إلى الفجر قمنا كسالى، أمر عجيب.








هذه القصة ذكرها الشيخ خالد الجبير في شريط أمراض القلوب ... أنصحك أخي ، أختي بسماع هذا الشريط.

لظى الشهوة


شاب مستقيم السلوك متزوج من امرأة طيبة، عاش مع زوجته وطفلته حياة سعيدة يعمل في إحدى الوزارات وكان عمله فاحصا للذهب في المطار، ومن هنا بدأت معاناته. ولنتابع قصته وهو يرويها لنا قائلا: بما أنَّ عملي فاحص للذهب كانت تأتيني الفتنة تمشي على أقدامها، نساء من كل صنف، وكان بعضهن مع شديد الأسف يعرضن عليَّ أنفسهن مقابل أن أسمح لما يحملنه من ذهب بالمرور دون فحص، لكني كنت قويا متماسكا،
ولكن مع مرور الأيام شيئا فشيئا وجدت نفسي وقد تراخيت فلم أعد أنا ذلك الرجل الذي يرفض المغريات مهما كانت، لكنني كنت أخجل من زملائي فأنا صاحب المبادئ والقيم والأخلاق كيف لي أن أنحدر إلى هذا المستوى الوضيع، وفعلا تماسكت ولكن زملائي الذين ارتضوا طريق السوء وساروا في دروب الشيطان حاولوا إغوائي حينا بعد حين وقد نجحوا في ذلك، لاحظت زوجتي التغير الذي طرأ عليّ فلم أعد أحرص على صلاة الفجر ولا على صلاة الجماعة وكانت تحاول توجيهي ونصحي، وكنت أوبخها بشدة.

أهملت زوجتي إلى درجة أن أصبحت أشعرها أني لست بحاجة لها، ولكنها كانت حريصة على الوقوف إلى جانبي وعدم تركي في مثل هذه الظروف وذلك لأنها كانت امرأة صالحة تخشى الله وتراقبه.

مرت الأيام هكذا كنت أعيش حياة اللهو والمجون، نساء وفتيات وصداقات، ودخلت في عالم شرب الخمور واعتدت على ارتياد شقق الفساد وسوء الأخلاق، وطريق الغواية يجر إلى المهالك فوقعت في وحل المخدرات وأخذت أغرق في هذا الوحل، وكانت زوجتي الصابرة هي الوحيدة التي تحاول أن تنتشلني من هذا الوحل الآسن، إلا أني لم أكن أستجيب لها، وكلما مر يوم ازدادت حاجتي للمخدر، فبعت ذهب زوجتي وأثاث المنزل وسيارتي وكل ما تقع عليه عيني بعت كل شيء من أجل الحصول على المخدرات.
ومرة كنت جالسا مع أحد أصدقاء السوء فقال لي: "إن ثمن المخدرات هذا مرتفع فلماذا لا نسافر إلى إحدى الدول حتى نأتي بها لأنها هناك متوفرة ورخيصة؟!"، وسافرت معه واشترينا الكمية التي نريدها، وفي طريق العودة كان الشيطان يزين لنا أعمالنا ويعدنا بأننا سنصبح أغنياء فقد كنا على ثقة من أننا سنمر عبر حاجز الجمارك لأنهم زملائي ويعرفونني ويستحيل أن يشكُّوا بي وحتى إن شكوُّا فإن من المستحيل أن يفتشوا أمتعتي مجاملة لي لأنني زميل لهم.

وعند وصولنا إلى حاجز الجمارك فتش الموظف المسؤول أمتعتي ليفاجأ بوجود المخدرات مدسوسة بين أغراضي الشخصية. وتم القبض عليَّ من قبل السلطات المختصة وصدر ضدي حكم المحكمة النهائي بالحبس لمدة سبع سنوات أقضيها خلف أسوار السجن لأتعذب بلظى الشهوة التي قادتني إلى هذا الطريق المظلم، ولما علم والدي بالأمر بعد صدور الحكم عليَّ أصيب بالشلل وامتنع عن الطعام إلى أن مات، وترملت والدتي وذلك كله بسبب بحثي عن الشهوات المحرمة.(1)

قال الله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (2).

هذه نهاية كل إنسان لا يعرف حق ربه عليه ولم يشعر بواجبه تجاه وطنه وعائلته وزوجته وأبنائه. وها هو هذا الضال العاصي الذي لم يتوانَ عن ارتكاب الفواحش ها هو الآن خلف القضبان يبكي ألما وحسرة ويعض أصابع الندم على ما فرط في جنب الله وعلى ما آلت إليه حال أمه وزوجته وأبنائه. إنه لا شك يحتقر نفسه الأمارة بالسوء التي قادته إلى هذا الطريق الشائك فهل من معتبر؟!

إذا المرءُ أعطى نفسه كل ما اشتهت **** ولم ينهها تاقت إلى كل باطل

وساقت إليه الإثم والعار بالــــــــــذي **** دعته إليه من حلاوة عاجـــل



من كتاب (كما تدين تدان)


أرسلت رسالة جوال ثم ماتت فما كان فحوى الرساله!!


ضحى يوم الاثنين جاءتني رسالة جوال تقول :


ادع لصاحبة هذا الجوال بالمغفرة والرحمة فقد انتقلت إلى جوار ربها فجر اليوم !! وكانت المتوفاة تتصل بي - رحمها الله - بين فترة وأخرى لتسألني عن أمور الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى –

وكانت وفاتها فجأة !!


هي شابة في الثلاثين من عمرها ، في ليلة وفاتها ضمت ابنة لأختها ثم نظرت إلى والدها وتحدرت دمعة غالية من عينها فقد حرمها والدها من الزواج كما تقول أختها .

في يوم الأحد دخلت فاطمة ( التي هي صاحبة القصة ) كالمعتاد غرفتها لترتاح وتنام ، تقلبت على فراشها ، وقرأت وردها إلى أن غلبتها عينها ثم نامت وأسلمت روحها إلى بارئها !! ولا عجب فالنوم موتة صغرى ، وعظة للعبد لو تفكر! { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } ولم تعلم فاطمة أن تلك النومة هي آخر نومة لها في هذه الغرفة بل لم تعلم أن تلك الليلة هي آخر لياليها في هذه الدنيا الفانية .

استيقظت كعادتها توضأت فأحسنت الوضوء فرشت سجادتها واستقبلت القبلة ثم صلت لربها ركعتي الفجر التي هي خير من الدنيا وما فيها والتي كان نبينا عليه الصلاة والسلام يداوم عليها ولا يتركها لا في حضر ولا في سفر !!

شرعت في صلاة الفجر وبعد أن فرغت من الصلاة استغفرت الله ثلاثا وقرأت أذكار ما بعد الصلاة ثم جلست في مصلاها تقرأ وردها وتسبح ربها وتحمد خالقها تنتظر طلوع الشمس لتصلي ما كتب الله لها .

وبينما هي على هذه الحال جاءها ملك الموت !! فنزع روحها وقبض نفسها !! فودعت الدنيا ، وفارقت الحياة ، وهي في مصلاها وما أجمله من ختام !! فالناس يبعثون على ما ماتوا عليه ، العجيب في قصتها ليس ما سبق وإنما ما يأتي وهو :

أنها كانت تستغل نعمة الله سبحانه وفضله على عباده وما يسر لهم من العلم الحديث والتقنية في طاعة الله وتسخرها لدعوة عباده وإرشادهم لما ينفعهم في دنياهم وأخراهم فقد كان من شأنها وعادتها أن توجه وتنصح وتراسل كل من كان عليها تقصير أو تفريط في جنب الله .

كانت آخر رسالة أرسلتها من جوالها : رسالة تناصح فيها فتاة غارقة في لهوها ، منهمكة في غيها ، اتصلت عليَ أختها فطلبت منها - لمعرفتي بصلاح وخير وتقى أختها فاطمة - أن تقرأ عليَ آخر رسالة أرسلتها من جوالها فقالت :


إن آخر رسالة خرجت من جوالها كانت لفتاة متبرجة مقصرة في طاعة الله والتزام أوامره وقد أرسلتها قبل وفاتها بساعات !! حيث أرسلتها قبيل صلاة المغرب من يوم الأحد وهي فارقت الحياة صبح يوم الاثنين فماذا كان في تلك الرسالة ؟ هل كانت رسالة عشق وغرام ؟ أم حب وهيام ؟ لا والله لا هذه ولا تلك ولكنها رسالة مناصحة تقول فيها : حبيبتي الغالية أعلم بالخير الذي يملأ قلبك فلا تحرمينا منه فنحن بحاجة إليه سأنتظرك ونور الهداية يملأ وجهك فهاهي يدي مرفوعة لتصافح يديك قبل أن ينادى لصلاة المغرب هذا اليوم فهلمي الآن إلى الله الرحيم الذي سيفرح بتوبتك وإقبالك عليه !!

انتهت رسالتها رحمها الله ولقد تأثرت تلك الفتاة المقصرة من رسالة أختها فاطمة وما جرى لها من فراق هذه الدنيا تأثرا كبيرا فراجعت نفسها وحاسبت ذاتها وعلمت أن فضل الله عليها كبير حيث أمهلها وأمد في عمرها لتؤوب إليه وتعود فهو الغفور الودود وهي الآن بفضل الله ثم بفضل فاطمة من الفتيات الصالحات المستقيمات





القصة ذكرها الشيخ خالد الصقعبي في شريطه الجميل : كيف تتخلصين ومنقوله من موقع الاسلام اليوم بتصرف

الموت يأتى بغته

يا نائما بالليل هل المنام يطيب

الموت يأتى بغته ولكن الفراق صعيب

اسمحوا لى اخوانى الكرام ان اروى هذه القصه

القصيره التى حدثت بمدينتنا البارحه

انها لشاب فى عمر الزهور عمره ثمانيه عشره

عاما يدرس بكليه الهندسه ووالده ذو شأن

عظيم واحوالهم ميسوره


ويقول عنه اصحابه انه كان حسن المنظر

والمظهر.


كنا واقفين بالشارع واذا بسياره تمر تقول

توفى الى رحمه الله تعالى فقيد الشباب فلان

ابن فلان.

قلنا الله يرحمه ماكنا نعرف هذا الشاب

مشينا بالشارع شوى وبعد قابلنا زميل لنا

وباين على وجهه علامات الحزن والاسى فقلنا

له ماذا بك؟


قال والله ان لى لصديق توفى بحادث قلنا له

ما اسمه قال فلان.قلنا له لقد سمعنا اسمه

توا قال اى والله هو رفيقى.قلنا له ما

قصته.قال ان هذا الشاب عاد من كليته

بالقاهره فى هذا اليوم ودخل البيت وكان له

صديق مسافر طنطا ولما رجع صديقه قال له ما

رايك لو نطلع نتجول بعض الوقت بالسياره قال

له هيا.

فخرجا حتى اذا بلغا الطريق السريع فاذا

باحد عجلات السياره الاماميه تنفجر واذا

بالسياره يختل توازنها ويفقد قائدها

السيطره عليها فتقفز الى الجانب الاخر من

الطريق والذى تاتى فيه السيارات بعكس سيرهم

فتصدم سيارتهم الصغيره المسرعه بشاحنه

عملاقه فتدهسها قاتله طالب الهندسه وتاركه

الاخر وقد تحطمت عظامه شفاه الله.

فأنظروا اخوانى الاحبه كيف عاد هذا الشاب

من سفره ليموت فى سفر اخر


وانظروا كيف يخرج

الله الحى من الميت


وانظروا كيف ياتى الموت

بغته.






(يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك).




المعلمـــــــــــــــــــــــــــــــة




القاعة مكتظة بالحضور.. بدأت المحاضرة محاضرتها بأسلوب جميل مؤثر، وكان تأثيرها في الحاضرات واضحاً فعيونهن تطارد كل كلمة تخرج من فمها... أنهت محاضرتها.. تقدمت إليها جملة كبيرة من الحاضرات يعبرن عن عميق شكرهن ويسألن لها الثبات ويطالبنها بالاستمرار.. شقت المحاضرة صفوف النساء متجهة نحو امرأتين تتحدثان.. كان حديثهما كغيرهما في التعبير عن مدى التوفيق الذي قدمت به المحاضِرة محاضرتها..

قطعت المرأتان حبل الحديث وهما مندهشتان حين تأكد لهما أن المحاضرة تقصدهما دون غيرهما.. قامتا لمصافحتها.. صافحت المحاضرة أولاهما في حرارة بالغة وطبعت على جبينها قبلة وسط اندهاشها.. قالت لها المحاضرة:

- لعلك عرفتني؟

- بالخير إن شاء الله

- ألست تدرسين في المدرسة (.........)

- بلى وقد تركت التدريس من سنوات

- ألم تدرسي الصف الخامس ؟

- بلى .... بلى

- أتذكرين طالبة أعجبك صوتها فاعتدت إن تجعليها تقرأ بعد قراءتك مباشرة..

- آه تعنين فاطمة الــ............

- هي بالضبط .. إنها أنا...

نظرت إليها المرأة باندهاش وطفرت من عينها دمعتان وهي تقبل من جديد على معانقتها...


قالت المحاضرة لمدرستها السابقة: إن تأثرّك بالآيات التي كنت تتلينها علينا والذي كان يتضح في وجهك ونبرة صوتك كان يعمل عمله في نفوسنا حين ذاك .... وإن تعليقك على الآيات الذي يبدو أنك كنت تتعبين في إعداده لا يزال يمثل أمامي كلما مررت بتلك السور التي درّستينا إياها ..


وإن التوجيهات التي كنت تنفحيننا بها بأسلوبك الهادي الجميل ساهمت إلى حد كبير في تقويم سلوك كثير من الطالبات... وأشهد ما رأيت زميلة لي واستعرضنا شيئاً من مسيرتنا الدراسية إلا كنت من أبرز المحطات فيها، وأسال الله أن لا يحرمك دعواتي ودعوات الزميلات ..


حاولت المرأة المندهشة التي تركت التدريس منذ زمن أن تداري دموعها وهي تقول : لم أجد طعم الراحة في التدريس سوى هذه اللحظة.... وسأظل أحمد الله بأن منَّ عليَّ بأن أؤدي عملاً آخذ عليه راتباً ومن خلاله أستطيع غرس مثل هذا الثمر الطيب!!

وما هو شعورك أيها المدرس وأنتِ أيتها المُدرسة عندما ترون أحد تلاميذكم وقد أصبح عالماً عظيماً كبير الشأن في المجتمع !؟!؟





قال لها : والله لآخذك إلى مكان الله لا يرانا فيه

هما شاب وفتاة اجتمعا على معصية الله بستار الحب، وبعد أن تعددت لقاءاتهما وتخوفا من الناس ولم يخافا رب الناس؛ اتفقا أن يتقابلا بعيدا من الناس. فاتفقا على أن يذهبا إلى مكان لا يراهما فيه الناس فأراد الشاب أن يطمئنها فقال لها: والله لآخذك إلى مكان مكان لا يرانا فيه الناس؟...... (ثم تبرأ منه لسانه)

قال لها : والله لآخذك إلى مكان الله لا يرانا فيه !!!

فمن سمعه يا أخواني في الله ؟ أتعلمون من سمعه؟ لقد سمعه جبار السموات والأرض!!

فلما استخفيا من الناس وهما بما نهاهما الله عنه فإذا بمداهمة ليست تأخذ الأجساد، ولكن مداهمة تأخذ الأرواح. أخذ الله روحه، وأوقف الله قلبه، وشل جوارحه، فخر الشاب ميتاً...

وما كان من الفتاة إلا أن أصيبت بصاعقة من السماء وذهلت من هذا الموقف، وما شعرت بنفسها وخرجت أمام الناس وهي تقول في دهشة (يقول ما يشوفه.. أخذ روحه... يقول ما يشوفه.. أخذ روحه) سبحانك ربي ما أحلمك.. سبحانك ربي ما أعظمك.. تسترنا ونعصيك..

ويحك يا نفس ألم تستشعري عظمة ربك؟؟ ويحك يا نفس ألم ترهقك الذنوب والمعاصي؟؟ ويحك ويحك!! ألن تتوبي إلى بارئك؟ (ألم يئن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق...) الدال على الخير كفاعله..






ماتت الأعضاء وبقي قلب ينبض بالعطاء

فتاة تصاب بحادث يسبب إصابتها بالشلل الرباعي؛ انعدام الحركة في جميع أجزاء الجسم ما عدى الكتف والذراعين فقط ورغم ذلك استغلت تلك الفتاة وقتها فيما يعود عليها بالنفع الأخروي.

تقول هذه الصابرة المحتسبة: كان عمري عندما أصبت بالحادث ستة عشر عاماً، والآن أرقد على هذا السرير قرابة اثنتي عشرة عاماً.

أحفظ من القرآن خمسة عشر جزءاً ولله الحمد، أقوم بإعداد المحاضرات بالتعاون مع بعض الأخوات التي يقمن بنشرها وإلقائها في بعض المساجد ومدارس التحفيظ، وأقوم بإرسال بعض الكتب والأشرطة الدينية لمن يستفيد منها.

ومن بعض ما تعاني منه تقول: أجد صعوبة في التنقل من جنب إلى جنب وأعاني من بعض القروح المزمنة بسبب ملازمة الفراش، ولا أقول ذلك للشكوى وإنما ليعتبر من أنعم الله عليه بالصحة والعافية ليستغل هذه الصحة في طاعة الله جلا وعلا.

وتقول أيضاً: لا أستطيع الصيام لما أجد من متاعب في المسالك البولية.

أما عن كيفية أدائها للصلاة تقول: أصلى وأنا مستلقية على السرير وطبعاً أتيمم؛ لأني لا أستطيع الوضوء.

وتختم حديثها بكلمات مؤثرة توقظ الغافل والغافلة: يحضرني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وكان ابن عمر يقول: " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ".

وهذه الصحة غالية لا يعرفها إلا من عانى فقدها ، فأنصح إخواني وأخواتي باستغلال هذه الجوارح في طاعة الله والذهاب إلى مجالس الذكر وألا يعصوا الله بنعم الله , بل عليهم استغلالها قبل فوات الأوان فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة.

فلا يدري الإنسان متى يفاجأ بالأجل، يقول الله تعالى: ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ))[لقمان:34] .

فأنا كنت في حالة من الصحة والعافية وفي بضع دقائق تحولت إلى كتلة لحم جامدة.. فهل من معتبر؟.

ومضة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: يقول رسول صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبوناً فيهما كثيراً من الناس الصحة والفراغ ) رواه البخاري.

فهل نتذكر نعمة الصحة والعافية التي نرفل فيها؟ هل تذكرنا نعمة الحركة والمشي على الأقدام والذهاب والقيام بشؤوننا الخاصة .

هل تذكرنا نعماً أعطانا الله إياها ونحن نعصيه بها , واعجباً أين شكر هذه النعم ! قال ابن الجوزي رحمه الله : " النعم إذا شغلتك عن المنعم كانت من المصائب ".

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وجميع جوارحنا، وأن يجعلها معينة لنا على طاعته وأن يشفي مرضى المسلمين إنه على كل شيء قدير .



العم مجلي

لنا جار يصلي معنا في المسجد... اسمه العم مجلي... رجل طيب بسيط متواضع... كبير السن "شيبة كما يقولون"، هو لكثرة هدوئه، وقلة كلامه ممن يوصفون بما حدث به عمر -رضي الله عنه- أنه دخل المسجد فإذا هو بمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عند قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبكي، فقال له: ما يبكيك يا معاذ؟ قال: حديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمعته يقول: (إن اليسير من الرياء شرك، وإن الله يحب الأتقياء الأخفياء الأثرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى ينجون من كل غبراء مظلمة) (رواه الطبراني والحاكم، وضعفه الألباني).

فالرجل بارك الله -تعالى- في عمره نسمة طيبة، يحضر إلى بيت الله -تعالى-، ثم ينصرف فلا هو يزعج أحدًا عند حضوره ولا ينتبه أحد لغيابه إلا بعد مرور وقت، مخبت النفس، بسام المحيا، متواضع السلوك، تحسبه لتواضعه فقيرًا وهو -ولله الحمد- مستور الحال، بل هو أقرب إلى الغنى.

الغريب أن لهذا الرجل الطيب خصلتين عزّ أن تجدهما في أحد؛ إنهما خصلتا: "القناعة ومواساة الآخرين".

خصلتان لا ترتبطان بغنى ولا فقر، بل هما مرتكزتان في النفوس الكريمة الطيبة التي تحب الله -تعالى-، وتتقرب إليه؛ قال -تعالى-: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) (هود:3).

قال سهل بن عبد الله: "المتاع الحسن: ترك الخلق والإقبال على الحق". وقيل: "هو القناعة بالموجود، وترك الحزن على المفقود".

وقديما قالوا :

هـي الـقـناعة لا تبغي بها بدلاً فـيـها النعـيـم وفـيها راحـة البدن

انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن

فقد حدثني أحد المغتربين أنه يسكن في عمارة العم "مجلي" منذ سنوات، وجاءت طفرة ارتفاع الإيجارات، وبالرغم من حسن خلق العم "مجلي" إلا أنهم توقعوا أنه سيطلب منهم زيادة في إيجارات منزله، فهذا دأب كثير من الناس هذه الأيام، وبالطبع نحن لا نحجر واسعًا فالأمر عرض وطلب، ومشروع أن يزيد المؤجر من قيمة عقاره، لكن المذموم أن يشق بذلك على الناس وهو يدري ويراهم يتألمون فلا يرحمهم، ويتأذون فلا يشفق عليهم.

استعد محدثي للرحيل من المنزل الذي لا يتجاوز إيجاره 1200 ريالاً، وبدأ ذلك المغترب يسأل عن سكن يتناسب مع ميزانيته؛ فهاله أن قيم الإيجارات قد وصلت إلى الضعف، وأن شقة كالتي معه تساوي الآن أربعة آلاف، وأن أقل عقار يصلح لسكنى آدميين لا يقل بأي حال في المنطقة عن 2500 ريال.

وبدا الهم يتسرب إلى نفسه؛ كيف ستفي ميزانيته المتواضعة بهذه القيمة المرهقة؟؟ كيف سينفق بعد ذلك على أسرته إن ضاع كل هذا المبلغ في السكن فقط؟ هموم تتثاقل مطلة من ثقوب الفكر... تتمطى؛ لتجثم على النفس.

ومع إطلالة كل شهر يتربص صاحبنا ويتخوف كل سكان العمارة... عمارة العم "مجلي" أن يأتيهم منه إنذار بالإخلاء أو زيادة الإيجار... ! ولكن العم مجلي لم يفعل، بل كان -بارك الله فيه- يشعر بخوف المستأجرين فيطمئنهم، ويشيع الحبور بينهم بالرغم من تقدم العمر به وتطاول المرض عليه بما أزعجه فأقعده كارهًا عن صلاة الجماعة بالمسجد؛ إلا أن ذلك زاده إصرارًا على عمله الطيب الكريم، فظل ثابتـًا على مبدئه، وفيًا لجيرانه الذين يعرفهم منذ أمد.

وأنا أعرف أن هناك أمثلة أخرى مثل: العم "مجلي" تعيش بيننا، وتفي لإخوانهم، وتساعدهم؛ فالله -تعالى- في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وهم بحسن نيتهم وطيب خلقهم يفعلون ذلك دون نظر إلى ثناء الناس، بل وأظن أنهم لا يخطر ببالهم أن يؤبن أحد فعلهم الكريم، لكنا نسوق المثل لأولئك الذين ظنوا الحياة مجردة عن معنى التكافل والرحمة، وظنوا الدين حقوقـًا تـُؤدى من غير استشعار لروح الأخوة، ومن غير زيادات تقتضيها الظروف وتحتمها الأحوال.

إن ديننا يا سادة الذي فرض الزكاة مثلاً هو الذي فرض عند الضرورة على الإنسان مزيدًا من النفقة، وطالبه بمزيد من الشفقة، ونفى عنه الإيمان إن لم يفعل؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ) (رواه الطبراني والحاكم، وصححه الألباني).

أليس في ذلك مطالبة للناس بأن ينفقوا حتى ولو كانوا أخرجوا زكاة أموالهم، وأدوا ما سواها من الفرائض؟!

فهلا اقتدينا بالعم "مجلي"... ؟!

آمل ذلك.




ثمرة حفظ القرآن الكريم


ذكر الدكتور سيد حسين العفاني في كتابه "الجزاء من جنس العمل" هذه القصة، نقلا عن الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، عن الشيخ محفوظ الشنقيطي مدير عام العلاقات بمجمع الملك فهد للمصحف الشريف، عن شيخ القرّاء بالمجمع الشيخ عامر السيد عثمان – رحمه الله تعالى – أنه، أي الشيخ عامر، فقد حباله الصوتية في السنوات السبع الأخيرة من حياته، وكان يدرِّس تلاميذه القرّاء فلا يفصح لهم إلا بشهيق وإيماء، ثم مرض مرض الوفاة، وكان طريح السرير الأبيض بالمستشفى، ففوجىء أهل المستشفى بالرجل المريض فاقد الحبال الصوتية يقعد ويدندن بكلام اللّه بصوت جهوري جذاب مدة ثلاث أيام ختم فيهن القراءة من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، ثم أسلم الروح إلى بارئها








هل جزاء الإحسان إلاَّ الإحسان؟!

الهداية نعمة من الله تعالى من أعظم المنن , وحب الطاعة لا يعدله حب , والتوفيق لفعل الخير منحة إلهية لا تعدلها كنوز الدنيا , ونحسب أن الله تعالى قد وفق لهذا شابين من شباب هذا الزمان ممن عاشوا معنا , واختارهم الله لجواره وهم في ريعان شبابهم ,ويصدق فيهما قول أبو الحسن التهامي في رثائه لولده :

يا كوكبا ما كان أقصـر عمـره وكذاك عمر كواكب الأسحـار

وهلال أيام مضى لـم يستـدر بدرا ولم يمهـل لوقـت سـرار

جاورت أعدائي وجـاور ربـه شتان بيـن جـواره وجـواري

ولإن غيب الموت أشخاصهم عن أبصارنا إلا أننا لم ننسهم على مر الليالي والأيام - فا للهم اجمعنا بهم في دار لا فراق فيها - آمين . من أين أبدا مقالي هذا ؟ وعن أي شيء أتكلم ؟ هل أتحدث عن صدق الاستقامة ؟ أو أحكي جمال الأدب , وعظيم الحياء ؟ أم أنشر عبير الجد في طاعة المولى عز وجل ؟.

نايف وإبراهيم شابان مستقيمان جعل الله لهما الحب في قلب كل من يعرفهم من حفاظ كتاب الله , ومن خيرة شبابنا الصالحين , استقاما في سن مبكرة لم تغرهم دنياهم بزخرفها الزائل , ومتعها الحقيرة .

أما (نايف) فقد ألتحق بالصحبة الطيبة وهو في المرحلة الثانوية (التوجيهي) فجد في حفظ القرآن وحفظه في فترة وجيزة.

وأما( إبراهيم) فعجب عجاب في استقامته, التحق بصحبة الأخيار وهو في الصف الأول المتوسط (الإعدادي ) وصار معهم حتى أدركته المنية وهو في الثالث الثانوي (التوجيهي) ست سنوات هي في عمرِ أقرانه وولاتهم مرتع اللعب واللهو, أما هو فقد صرفها في الجد في مرضات الله تعالى , فكان لهما ما أرادا ( حياة الطاعة وخاتمته الشهادة) .

كانت العبادة سمت بارزة لهم , والجدية فيها يعرفها عنهم كل أقرانهم يقول والد (إبراهيم) ما أعرف عنه إلا المسابقة للذهاب إلى المسجد , والتقدم في أول الوقت للصلاة ولذا عزم على إدراك تكبيرة الإحرام أربعين يوماً اغتناماً لحديث " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى ، كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق" صحيح الترمذي فأدركها بفضل الله تعالى ثم بفضل همته العالية.

وكان قد جعل له سجادة في غرفته ليصلي عليها الليل , يقول معلمه : تحدثت يوماً في احد الدروس عن صلاة الوتر وذكرت قول الإمام (أن من يداوم على ترك الوتر فهو رجل سوء) قال: فأمسك بي بعد الدرس وقال مستغرباً : وهل هناك مسلم يترك الوتر ؟ .

عُرف عنه البكاء عند تلاوة القرآن أو سماعه - وهكذا هي القلوب الرقيقة - .

حج مرتين على الرغم من صغر سنه إذ مات في الثامنة عشرة من عمره , ونوى الحج في عام وفاته لا حرمه الله أجر نيته , ولم تفته سنة الاعتكاف طيلة سنوات استقامته الست في عمره القصير .

وكذا كان أخوه (نايف) - أنزل الله على قبريهما شآبيب الرحمة - فقد كان جاداً في العبادة , حريصاً على الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إبان دراسته هناك ,مسابقاً للصلاة حريصاً على الصف الأول يعرف ذلك عنه إخوانه , لقد كانت الجدية ظاهرة عليهما في هذا الباب ولازلت أذكر(نايف ) وكأني أنظر إليه الآن وقد اتخذ ذلك المكان في زاوية من المسجد فترة اعتكافه , وقد ستره بستر رقيق ليخلو بربه عز وجل ما بين تلاوة وصلاة وذكر.

وكان كثير الخلوة في ذلك المكان ولا يكاد يأكل معنا إلا ما يقيم به صلبه , كان يصلي أحياناً بإخوانه بعد صلاة التراويح وكأني أسمع صوته الشجي يرتل تلك الآيات والخشوع قد ملأ جوارحه,والبكاء والخشية في تلاوته لا تفارقه,فقد عُرف عنه ذلك . صلى ذات يوم بجماعة مسجد حيه وقرأ آيات من سورة الأعراف وبكى وأبكى الناس , وكثيرا ما كان يسأله إخوانه أين تصلي الليلة كي يصلون معه .

يقول أحد جيرانه : كنت وأنا أدخل لمنزلي في ساعات الليل المتأخرة أمر بجوار غرفته فأسمعه يتلو الآيات بقراءة حزينة مترسلة فأتعجب من جمال تلاوته , وجَلَده على العبادة , ولقد وصف الله تلك النفوس الشريفة بقوله (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9).

وبقوله (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (السجدة:16) جعلهم الله ممن وُعِدوا بقوله (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17).

وكأنهم يصدق فيهم قول عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين : إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع لهم تحت الظلام وهم سجود أنين منه تنفرج الضلوع وخرس بالنهار لطول صمت عليهم من سكينتهم خشوع.

- مما تميزا به رحمهما الله بر الوالدين, فقد كان البر من أرجى أعمالهم وأحبها إلى قلوبهم وكانا يقوما برعاية الوالدين وطاعتهم , وإدخال السرور عليهم , وكم تحدث والداهم عن عجيب برهم بهم , وكذا إحسانهم لإخوانهم فقد اجمعت بيوتهم على حبهم حباً عظيماً

- كان الصيام وهو عبادة المخلصين عبادة قد حُببت لهما , فلم يُعرف عنهما إلا المحافظة على صيام الاثنين والخميس والأيام البيض, ولا يفوتا صيام الأيام الفاضلة كعشر ذي الحجة ونحوها , لقد كان لجديتهم في العبادات الأثر العظيم في اغتنام الحياة في كل طاعة

-أما القرآن الكريم فقد كان أحب شيء إليهما في الحياة قد جعلاه أنيسهم وجليسهم , وقد رزقهم الله حفظه في فترة وجيزة , وكانت أوقاتهم كلها مصروفة له, لا تراهم في المسجد إلا القرآن معهما , وبين إخوانه لا يُعرفان إلا والمصحف بين أيديهما فقد رسمت صورتهما مع القرآن قد خُلط بدمائهما واستقر حبهم في قلوبهما.

يقول أحد إخوان (نايف) : لا أذكر أني دخلت عليه البيت يوماً من الأيام إلا والقرآن بين يديه , كنت أرى القرآن معه كل وقت وحين , وأذكر زاويته التي كان يجلس فيها منفرداُ بكتاب الله تعالى ويطيبُ قلب بالتلاوة حاضر ويطيب عيش عندها وممات إني لأغبط في هناءة مؤمن قلباً تحرك جانبيه صلاة هذا الكمال إذا أريد بلوغه هذي النجاة إذا أريد نجاة هذي النفوس زكية ريانة هذي الوجوه من الهدى نضرات.

من أعمال البر الجليلة التي تميزا بها (إخفاء العمل) ومن ذلك : أن عجوزاً كانت تسكن لوحدها فكان إبراهيم يتعاهدها بالرعاية والإحسان , ويقوم بشؤونها ويحضر لها الطعام والشراب .

كان حب الله والدار الآخرة مغروس في نفوسهم آثروه على الدنيا وملاذها , تقول (أم نايف) : حدثته يوماُ وقلت له : إن شاء الله تتعافى من مرضك ونزوجك – وهذا الكلام قبل فترة بسيطة من وفاته – فكان يقول : يا أماه أنا لن أتزوج من نساء الدنيا بل زوجاتي من الحور العين بإذن الله تعالى وهناك سمتان بارزتان لهذين الشابين – وما أكثر السمات المباركة فيهما- .

هاتان السمتان هما ( الحياء الفذ , وحفظ اللسان وقلة الحديث ) أما الحياء لهما : فأحياناً من شدة حياء (نايف) لابد أن استفهم حديثه ويعيده لي مرة أخرى لشدة أدبه وحيائه , أما (إبراهيم) فغالباً ما كان يتحدث وهو مطأطأ الرأس من شدة حيائه , وقد أحب رسول الله عليه الصلاة والسلام أهل الحياء , وأثنى عليهم أعظم الثناء فقال "الحياء لا يأتي إلا بخير"رواه مسلم وقال " الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة "رواه الترمذي .

وكانت صفته البارزة عليه الصلاة والسلام كما في حديث عائشة رضي الله عنها كما عند البخاري ولقد كان لقلة حديثهم وعدم الخوض في فضلة الكلام أثر كبير في محبة إخوانهم لهم وتقريبهم إليهم .

وبعد فهذا غيض من فيض لهذه السيرة العطرة , أتُرى كيف تكون خاتمة أصحابها ؟ اقرأها بعينك وعشها بقلبك علها أن تحرك فيك كامن الكسل عن الطاعة , وتطرد عنك التردد في التوبة , وترك التسويف الذي أهلكك ,وأن يرزقك الله مثل هذه الخاتمة وأفضل .

كانت وفاتهم في شهر ربيع الثاني وكانت ميتتة عجيبة لا يمكن لأحد أن ينساها , فقبلها قد من الله عليهما بأداء الحج ذلك العام , وقبل وفاة (نايف) بأسبوعين رجع إلى مكة حرسها الله لأداء العمرة ومما يذكره إخوانه الذين كانوا معه في تلك الرحلة أنه طيلة الطريق أثناء رجوعه كان مستغرقاً في الاستغفار ولا يكلم أحداً إلا قليلا .

يقول أحد إخوة (نايف) أتذكر ليلة وفاته غفر الله له : أنه لم ينم تلك الليلة بل قامها كلها مصلياً إلى الصباح , وأيقظ إخوته كلهم لصلاة الفجر وعاد ولم ينم بل كان يقرأ القرآن ضحى ذلك اليوم كله حتى عاتبته جدته في ذلك وكان يقابل هذا العتاب بابتسامة المتأدبين , وكان منشرح الصدر كما حدثني أحد الإخوة الذين اتصل به بعد فجر ذلك اليوم.

أما (إبراهيم ) فقد قال لي والده : رأيته آخر ما رأيته وهو يتوضأ للصلاة ثم يخرج متطهراُ , كانت وفاتهم يوم جمعة وقد استعدا للذهاب إلى القرية للصلاة بالناس صلاة الجمعة وكان(نايف) الخطيب و( وإبراهيم) مرافقا له ومعه بعض الإعلانات لمحاضرة لتوزيعها هناك.

وقدر الله عليهم ذلك الحادث الأليم قبل الوصول إلى المسجد بمسافة قصيرة وينتقلا إلى جوار الكريم سبحانه وتعالى في يوم جمعة وفي أشرف عمل – الدعوة إلى الله تعالى- وعلى أشرف حال –متطهرين متطيبين - , قاصدين عبادة عظيمة – صلاة الجمعة والخطبة في الناس – وصدق الله ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:100) آلا ما أشرفها من ميتتة , وما أعظمها من خاتمة , وانظر كيف جمع الله لهم الخير بحذافيره .

جاء فقد روى الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر. قال الألباني في أحكام الجنائز: فالحديث بمجموع طرقه حَسَنٌ أو صحيح.

وفي الحديث أيضا أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ ، فَإِنَّهُ فِي صَلاةٍ ) رواه أبو داود (562) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

فنحسبهم أنهم في حال صلاة من حين خروجهم من بيوتهم مع واجب الدعوة في مشوارهم هذا , وأعمال البر القريبة التي سبقت ميتتهما فما أعظمها من خاتمة , وأحسنها من عاقبه , وأشهد وقد كنت فيمن غسلهما أن كل واحد منهما قد رفع إصبع السبابة علامة التوحيد فرحمهم الله رحمة واسعة ولقد أكرمهما الله برؤى ومنامات بعد موتهما.

والمؤمن تسره الرؤيا وهي من المبشرات فقد جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا . يراها العبد الصالح أو ترى له " .

وقد جاءت المبشرات لهما في رؤى كثيرة يقول أحد إخوة نايف : بكيت عليه أول خمسة أيام من رمضان بكاء كثيرا فرأيته في منامي يقول لي : لا تبكي علي يا أخي فوالله إني لفي عداد الشهداء ومقدمتهم وتقول أم إبراهيم من الرؤى التي رأيتها فيه أنه جالس بجوار نهر جار – مما يدل على جريان عمله – بإذن الله تعالى .

دروس وعبر من هذه السيرة المباركة : المؤمن يبادر عمره وحياته , فلما ينتظرا (نايف وإبراهيم ) أن يكبرا ثم يستقيما , كما هو حال الكثير من الشباب الذين يُسوفون حتى ربما أدركهم الموت , وكم نعرف ممن مات في سن الشباب , بل هم ماتا في هذا السن .

فضل الاستقامة في سن الشباب والأحاديث في ذلك كثيرة , ( وليس من تقدم كمن تأخر, وليس من سارع كمن تباطأ) فبادر وقتك .

الصدق في الاستقامة من أعظم أسباب حسن الخاتمة , يظهر هذا جلياً في خاتمتهم , نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا من الأشياء البارزة في حياة الصالحين , دعاء بعضهم لبعض.

وهذا ما أعرفه عن إخوان (نايف وإبراهيم ) من الأخيار أنهم كثيري الدعاء لهم , يقول أحدهم : كثيراً ما أدعو لهم عندما أدعو لنفسي ولا أذكر أني دخلت المقبرة يوماً إلا خصصتهما بالدعاء ,فهل حرصت على الصحبة الطيبة , ومن سيدعو لك بعد موتك؟.

اللهم اغفر ل (نايف وإبراهيم ) وارفع درجتهما في المهدين واجمعنا بهم قي جنات النعيم , نحن والدينا والمسلمين آمين .








شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

:)
:(
hihi
:-)
:D
=D
:-d
;(
;-(
@-)
:P
:o
:>)
(o)
:p
:-?
(p)
:-s
(m)
8-)
:-t
:-b
b-(
:-#
=p~
$-)
(y)
(f)
x-)
(k)
(h)
cheer

Pages