بسم الله الرحمن الرحيم
فالحقيقي: هو القطعة اللحمية الصنوبرية الشكل التي يتحدث عنها علم التشريح والتي واجبها في الجسم إنعاشه بضخ الدم منه وإعادته إليه، وله علم خاص وعلماء مختصون، وهو ما حواه صدر كل حيوان لا الإنسان فقط.
والمجازي: يراد به ما يرادف العقل، وهو نور روحاني به يَدرك الإنسان العلوم الضرورية والنظرية، وله أسماء عديدة وباعتبارات مختلفة.
فيسمى النُهية؛ لأنه ينهى الإنسان عن القبيح.
ويسمى اللُّب؛ لأن جسم الإنسان بمثابة القشر وهو خلاصته ولبه.
ويسمى الحجر؛ لأنه يحجر صاحبه عن فعل الشر.
ويسمى العقل؛ لأنه يعقل صاحبه عن ارتكاب النقائص، كما أن عقال البعير يمنعه من السير.
ويسمى روحاً؛ باعتباره حياً وتظهر آثاره على الحياة.
ويُطلق عليه لفظ النفس؛ لأنه يُسَيِّرُ البدن ويتصرف به ولاسيما إذا انحرف ومال إلى النقائص.
ويسمى قلباً؛ لأنه يتقلب ولا يبقى على اتجاه واحد.
هل هو من عالم الأمر أو الخلق؟
قال تعالى: (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) (1) يُفَسَّر الأمر بطلب الله تعالى عباده بفعل أمور يجب تنفيذها أو يستحب، وبما أن لفظ الأمر جاء هنا مقابل الخلق فإن المراد بالخلق ما يُدرك بالحواس، ويسمى العالم المشاهد أو المحسوس.
ويراد بالأمر ما لا يُدرك بالحواس، كالملائكة والجن والروح، إذ الجسم من عالم الخلق، بينما الروح من عالم الأمر، ويسمى عالم الغيب؛ لذا فإن قوله تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) (2). هو جوابٌ، أي هو من أمر ربي وليس من خلقه.
هل هو من عالم الأمر أو الخلق؟
قال تعالى: (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) (1) يُفَسَّر الأمر بطلب الله تعالى عباده بفعل أمور يجب تنفيذها أو يستحب، وبما أن لفظ الأمر جاء هنا مقابل الخلق فإن المراد بالخلق ما يُدرك بالحواس، ويسمى العالم المشاهد أو المحسوس.
ويراد بالأمر ما لا يُدرك بالحواس، كالملائكة والجن والروح، إذ الجسم من عالم الخلق، بينما الروح من عالم الأمر، ويسمى عالم الغيب؛ لذا فإن قوله تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) (2). هو جوابٌ، أي هو من أمر ربي وليس من خلقه.
موضع القلب من الجسم.
ليس له موضع معين من الجسم، فليس هو في الرأس وليس هو في الصدر، بل هو قوة خفية موجودة مقترنة بجسم الإنسان وكأنها إشعاعات تشمل جسمه وتتحكم به، وله قابلية الانفصال عنه والارتباط به، مثله مثل جاذبية الأرض فهي مقترنة بها وليست ممتزجة بجزء منها.
أما المخ فإنه ليس العقل، بل هو جهاز خاص بالتفكير وخزن المعلومات، وهو جندي من جنود العقل داخل الرأس شأنه شأن الأجهزة الأخرى التي لها دور فَعَّال في جسم الإنسان وكلها جنود له، تعمل بأمره وتنتهي بنهيه.
فالعقل هو الرائي وهو المستمع وهو المتكلم وهو الباطش وهو القابض وهو الجالس وهو الماشي وهو المفكر، وكل عمل من هذه الأعمال جعل الله له عضواًَ أو حاسة في الجسم يدرك بها ما يريد من الألوان والأصوات والكلام والبطش والمشي وهكذا، وإذا اقترن بالجسم لا يمكنه أن يدرك المعلومات إلاَّ بواسطة تلك الأعضاء، وإذا انفصل عنه تمكَّن من أن يحصل على هذه المعلومات مستقلاً دون هذه الأعضاء.
والمخ جهاز من هذه الأجهزة يَدرك العقل بواسطته الأمور، فإذا حصل فيه خلل ضَعُفَ إدراكه للأمور، كما أن العقل يَدرك المبصرات بواسطة حدقة العينين، فإذا حصل فيهما خلل أو مرض ضَعُفَت رؤيته للأشياء، وإذا حصل خلل في الأذنين ضَعُفَ إدراكه للأصوات وهكذا.

إذن ليس موضع القلب الصدر.
وأما إشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه، فإنه من باب المجاز:
وذلك لأن العقل لا يمكنه إذا اقترن بالجسم أن يدرك الأمور إلا بواسطة الجسم ومحتوياته، والجسم لابد أن يكون حياً، وحياته متوقفة على حركة هذه المضغة، فهو الأساس المسهل للروح في إدراك الأمور، فالصلاح والفساد المعنويان من أوصافه، فإذا مال إلى الشر مال الجسم إلى الشر ففسد معنوياً، وإذا مال إلى الخير صلح الجسد معنوياً (3).
وليس مراده -صلى الله عليه وسلم- بذلك فساد المضغة اللحمية، فإن فسادها وصلاحها يتحدث عنها علم الطب.
والسؤال: إذا كان الأمر كذلك فلماذا أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ما هو داخل صدره؟
أقول: هذه الإشارة، إشارة إلى العنصر الأساس في تسهيل مهمة العقل وهو القلب الموجود في الصدر، فلولا حركته لما كان الجسم حياً، ومن ثم لا يمكن للعقل أن يدرك الأشياء.
وما إشارته إليه إلا كما يشير أحدنا إلى مولد الكهرباء، ثم يقول عنه هذا الهواء هذا الضوء هذا التكييف هذا ضخ الماء، والواقع أن المولد ليس كذلك بل هو المؤثر الأساس وتلك آثاره.
فالإيمان والمعلومات ليست فيه، وإلا لضعف إيمان من يضعف قلبه الصنوبري ولضعفت معلوماته عند مرض قلبه، كما أنه إذا أُجْرِيَت عملية زرع القلب من مؤمن إلى كافر لا يكون الكافر مؤمناً، وإذا أُجْرِيَت من كافر إلى مؤمن لا يصبح المؤمن كافراً.

وإذا مرض القلب الحقيقي عالجه الطبيب بالأمور المادية، وإذا مرض القلب المجازي عالجه المصلحون علاجاً معنوياً.
والقلب الذي بمعنى العقل مخلوق قبل خلق الأجسام، وقبل اقترانه بالجسم، كان يدرك الأمور رؤية وسمعاً وغيرهما إدراكاً ذاتياً لا يحتاج إلى الجوارح والحواس، لذلك آمنت بربوبية الله تعالى جميع أرواح بني الإنسان أخذا من قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرييتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (4).
فقد اعترفت جميع الأرواح بربوبية الله تعالى قبل اقترانها بالأجسام.
ولكنها بعد أن اقترنت بالجسم الظلماني أصبحت لا تدرك ذلك إلا بواستطه وبواسطة النظر والتعليم والاعتبار.
وإذا انفصلت عنه عادت إلى وضعها السابق تدرك دون حواس وتعمل دون جوارح، لذلك يرى النائم في الرؤيا بدون عين ويسمع بدون إذن ويتكلم بدون لسان ويبطش بدون يد ويمشي بدون رجل.
ومن هنا يتبين أن للإنسان روحين: روح الحياة، وروح الإدراك.
1. روح الحياة: هي أثر جريان الدم في أوردته وشرايينه نتيجة ضخ القلب له، وهي التي يتحدث عنها الطب، وتبقى مع النائم والمجنون، وهي الأساس في حياة الجسم، وهي ليست خاصة بالإنسان بل يشاركه فيها بقية الحيوانات.
2. روح الإدراك: وهي العاقلة والمفكرة تقترن بالإنسان وتفارقه عند النوم لذلك تستقل بمعرفة الأشياء عن طريق الرؤيا.
وإذا مات الإنسان انفصلت عنه وأخذت تدرك بنفسها وتنعم وتعذب في عالم البرزخ –وهو عالم القبور- ولها اشعاعات على الجسم الميت دون اقتران.

ليس له موضع معين من الجسم، فليس هو في الرأس وليس هو في الصدر، بل هو قوة خفية موجودة مقترنة بجسم الإنسان وكأنها إشعاعات تشمل جسمه وتتحكم به، وله قابلية الانفصال عنه والارتباط به، مثله مثل جاذبية الأرض فهي مقترنة بها وليست ممتزجة بجزء منها.
أما المخ فإنه ليس العقل، بل هو جهاز خاص بالتفكير وخزن المعلومات، وهو جندي من جنود العقل داخل الرأس شأنه شأن الأجهزة الأخرى التي لها دور فَعَّال في جسم الإنسان وكلها جنود له، تعمل بأمره وتنتهي بنهيه.
فالعقل هو الرائي وهو المستمع وهو المتكلم وهو الباطش وهو القابض وهو الجالس وهو الماشي وهو المفكر، وكل عمل من هذه الأعمال جعل الله له عضواًَ أو حاسة في الجسم يدرك بها ما يريد من الألوان والأصوات والكلام والبطش والمشي وهكذا، وإذا اقترن بالجسم لا يمكنه أن يدرك المعلومات إلاَّ بواسطة تلك الأعضاء، وإذا انفصل عنه تمكَّن من أن يحصل على هذه المعلومات مستقلاً دون هذه الأعضاء.
والمخ جهاز من هذه الأجهزة يَدرك العقل بواسطته الأمور، فإذا حصل فيه خلل ضَعُفَ إدراكه للأمور، كما أن العقل يَدرك المبصرات بواسطة حدقة العينين، فإذا حصل فيهما خلل أو مرض ضَعُفَت رؤيته للأشياء، وإذا حصل خلل في الأذنين ضَعُفَ إدراكه للأصوات وهكذا.
إذن ليس موضع القلب الصدر.
وأما إشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه، فإنه من باب المجاز:
وذلك لأن العقل لا يمكنه إذا اقترن بالجسم أن يدرك الأمور إلا بواسطة الجسم ومحتوياته، والجسم لابد أن يكون حياً، وحياته متوقفة على حركة هذه المضغة، فهو الأساس المسهل للروح في إدراك الأمور، فالصلاح والفساد المعنويان من أوصافه، فإذا مال إلى الشر مال الجسم إلى الشر ففسد معنوياً، وإذا مال إلى الخير صلح الجسد معنوياً (3).
وليس مراده -صلى الله عليه وسلم- بذلك فساد المضغة اللحمية، فإن فسادها وصلاحها يتحدث عنها علم الطب.
والسؤال: إذا كان الأمر كذلك فلماذا أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ما هو داخل صدره؟
أقول: هذه الإشارة، إشارة إلى العنصر الأساس في تسهيل مهمة العقل وهو القلب الموجود في الصدر، فلولا حركته لما كان الجسم حياً، ومن ثم لا يمكن للعقل أن يدرك الأشياء.
وما إشارته إليه إلا كما يشير أحدنا إلى مولد الكهرباء، ثم يقول عنه هذا الهواء هذا الضوء هذا التكييف هذا ضخ الماء، والواقع أن المولد ليس كذلك بل هو المؤثر الأساس وتلك آثاره.
فالإيمان والمعلومات ليست فيه، وإلا لضعف إيمان من يضعف قلبه الصنوبري ولضعفت معلوماته عند مرض قلبه، كما أنه إذا أُجْرِيَت عملية زرع القلب من مؤمن إلى كافر لا يكون الكافر مؤمناً، وإذا أُجْرِيَت من كافر إلى مؤمن لا يصبح المؤمن كافراً.
وإذا مرض القلب الحقيقي عالجه الطبيب بالأمور المادية، وإذا مرض القلب المجازي عالجه المصلحون علاجاً معنوياً.
والقلب الذي بمعنى العقل مخلوق قبل خلق الأجسام، وقبل اقترانه بالجسم، كان يدرك الأمور رؤية وسمعاً وغيرهما إدراكاً ذاتياً لا يحتاج إلى الجوارح والحواس، لذلك آمنت بربوبية الله تعالى جميع أرواح بني الإنسان أخذا من قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرييتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (4).
فقد اعترفت جميع الأرواح بربوبية الله تعالى قبل اقترانها بالأجسام.
ولكنها بعد أن اقترنت بالجسم الظلماني أصبحت لا تدرك ذلك إلا بواستطه وبواسطة النظر والتعليم والاعتبار.
وإذا انفصلت عنه عادت إلى وضعها السابق تدرك دون حواس وتعمل دون جوارح، لذلك يرى النائم في الرؤيا بدون عين ويسمع بدون إذن ويتكلم بدون لسان ويبطش بدون يد ويمشي بدون رجل.
ومن هنا يتبين أن للإنسان روحين: روح الحياة، وروح الإدراك.
1. روح الحياة: هي أثر جريان الدم في أوردته وشرايينه نتيجة ضخ القلب له، وهي التي يتحدث عنها الطب، وتبقى مع النائم والمجنون، وهي الأساس في حياة الجسم، وهي ليست خاصة بالإنسان بل يشاركه فيها بقية الحيوانات.
2. روح الإدراك: وهي العاقلة والمفكرة تقترن بالإنسان وتفارقه عند النوم لذلك تستقل بمعرفة الأشياء عن طريق الرؤيا.
وإذا مات الإنسان انفصلت عنه وأخذت تدرك بنفسها وتنعم وتعذب في عالم البرزخ –وهو عالم القبور- ولها اشعاعات على الجسم الميت دون اقتران.