كانت المشاكل الأسرية بوابة هروبها من عالم مليء بالصراعات والنقاشات الحادة بين الأبوين، وفي رحلة البحث عن الهدوء خرجت «سهام» عن سيطرة الأسرة إلى محيط أصدقاء السوء لتقع في فخ الإدمان.
نزاع الأبوين
«سهام» فتاة في الثلاثين من العمر، لم تعرف معنى الاستقرار الأسري منذ نعومة أظافرها، كان التناحر والنقاش حول أتفه الأسباب العنوان العريض لحياة والديها. كان لكل منهما عالمه الخاص، والد «سهام»، حسب ما حكته ل«التجديد»، رجل بسيط استفاد من التقاعد النسبي من الدرك الملكي ليتفرغ للفلاحة التي أصبحت كل حياته، يحب البساطة في كل شيء ويحب المجاملات العائلية، وكل ما يعرفه عن تربية الأبناء هو توفير الأكل والملبس..، والدتها أستاذة بالتعليم الثانوي، لا تأبه للعلاقات الاجتماعية، ذاقت مرارة اليتم والحاجة مما جعلها تصر على ضرورة تعليم أبنائها في أحسن المدارس لضمان مستقبلهم. و لضمان تحصيل دراسي جيد، كانت تقسو على أبنائها، قيدت حريتهم بشكل مبالغ فيه، وكانت توجههم بالشكل الذي تراه مناسبا في تقديرها.
وبين ثقافة الأب والأم ضاع الأبناء، حيث يحاول كل واحد منهما تربية الأبناء بطريقته الخاصة، وكل منهما يتصيد أخطاء الآخر من أجل إثبات الذات.
بعد الباكالوريا، اختارت «سهام» الهجرة إلى ألمانيا من أجل الدراسة..هروبا من جحيم والديها خاصة بعد اكتشاف والدتها لخيانة والدها مما زاد الطين بلة تحول البيت إلى سجن لا يطاق.
ألمانيا والحرية
في ألمانيا، تعرفت «سهام» على أصدقاء جدد، اختارت أن تعيش حياة الحرية بعيدا عن رقابة الأم التي أتعبتها، انضمت إلى شلة من الأصدقاء احترفوا الهروب من زحمة المشاكل وروتين الحياة إلى حياة الضياع والمخدرات والتعلق بعالم كل شيء فيه افتراضي.
سنة بعد أخرى، أدمنت «سهام» المخدرات، وفي حالة عدم حصولها على الجرعة اللازمة تصاب بالجنون، بل صارت لا تطيق العودة إلى المغرب خوفا من
اكتشاف أمرها، خاصة وأنها لن تستطيع شراء المخدرات خوفا من أن يكتشفها أحد من الأسرة، ولا تعرف طريقا له بالمغرب.
تعرفت «سهام» على أحد الشباب المغاربة كان يعمل بألمانيا..عاشت معه علاقة غير شرعية..رغبة في الحصول على الاستقرار النفسي والعاطفي. إلا أنها بالمقابل لم تفرط في
دراستها، خاصة وأن والدتها تتابع عن كثب مسألة دراستها وتبعث لها بمبالغ مالية كبيرة، فيما كانت تهمل النبش في حياتها الخاصة، والتقرب منها لمعرفة دواخلها ومكنوناتها.
صدمة وعلاج
كانت «سهام» بالرغم من المال الذي تغدقه عليها الأسرة، وبالرغم من زيارة والدتها لها بين الفينة و الأخرى تعاني من ضغط والدتها المتزايد فيما يتعلق بأمور دراستها، كما كانت تعاني من غياب الأب عن التربية و التوجيه...
مرت سنوات و»سهام» تدور في نفس الدوامة، وحين انهت دراستها، طالبت «صديقها» بتوثيق زواجهما بالمغرب كما سبق أن وعدها بذلك، إلا أنه تنكر لها ولأي علاقة تجمعهما، مؤكدا لها « لن أتزوج من مدمنة مخدرات»..كلمات كان لها وقعا سيئا في نفسية «سهام» التي كانت ترى في «صديقها» الملاذ الوحيد للاعودة إلى البيت وبالأحرى إلى المغرب..بعد الصدمة القوية التي تعرضت إليها «سهام» من شخص كانت تعتبر أنه كل شيئ في حياته، انتبهت أخيرا إلى الحياة التي تعيشها..مخدرات ولهو وضياع..عاشت أياما سوداء مع المخدرات . في أحد الأيام أخدت جرعة زائدة أسقطتها أرضا فأخذتها إحدى صديقاتها إلى المستشفى من أجل العلاج.
هناك، اكتشف الطبيب المعالج حالة إدمانها، فحولها إلى الجهات المختصة في معالجة المدمنين وهو الأمر الذي استحسنته «سهام» ءبالرغم من الصعوبات التي ستعترضهاء بعد أن ضاقت بها الحياة وبعد تأكدها من أن الهروب من المشاكل البسيطة بطريقة غير سليمة، تولد مشاكل أكبر وأعمق.