أيتها الأخوات الكريمات و أيها الأخوة الكرام..
أحمد الله تعالى أن يسر هذا اللقاء بكم و أسأله سبحانه أن يجعلنا وإياكم و إياكن مباركين أينما كنا و أن يجعلنا ممن تحفهم الملائكة و تغشاهم الرحمة و يذكرهم الله فيمن عنده كما أسأل الله تعالى أن تكون جائزتنا عند تفرقنا أن يقال لنا قوموا مغفور لكم و ما ذلك على الله بعزيز ..
و اسأل الله تعالى أن يجزيكم يا أهل السودان رجالا و نساء خير الجزاء لما رأيت منكم حرصا على الخير و احتفائكم بمن يأتي إليكم ,و اسأل الله تعالى أن يكون اجتماعنا هذا محمودا عنده واسأل الله تعالى أن يجزيكم خيرا و أن يجزي الشيخ محمد و الشيخ ماهر و القائمين على مثل هذه المجالس خير الجزاء
أيتها الأخوات الطيبات :
سئلت أمنا عائشة رضي الله عنها ، سألها عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : يا خالة كيف كان خلق النبي صلى
الله عليه وسلم ،؟ ظن عروة رضي الله عنه أن عائشة رضي الله عنها ستعطيه محاضرة عن حسن الخلق ، فإذا بعائشة رضي الله عنهاتختصر الموضوع بكلمتين أو ثلاث !
قالت رضي الله عنها : ألست تقرأ القرآن ؟
قال عروة رضي الله عنه : بلى
قالت رضي الله عنها : كان خلقه القرآن
اقرأ القرآن و تجد أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام يعني يقرأ قول الله تعالى :
(وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) فيحسن عليه الصلاة والسلام للكبير و الصغير ،يحسن إلى الغني و الفقير ،يحسن إلى المسلم و الكافر ، يحسن إلى القريب و البعيد ،يحسن إلى الجميع ، يقرأ قول الله تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) فيتكلم بأحسن الكلام ،و لا تسمع منه إلا ألطف الكلمات و أجمل الكلمات لأن الله قال : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) ما قال و قولوا للناس قبحا و لكن قال ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) وبالتالي امره الله تعالى أن يحسن كلامه مع الأخير
يقرأ قول الله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) فيغض بصره عن عورات الآخرين فلا يمكن أن يكتشف جاره أنه يطلع عليه او ان ينظر إليه بدون إذنهلا ،الله أمرني أن أغض بصري معناه أني أغض بصري .. كان خلقه القرآن
كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث الناس جميعا على حسن الخلق
قال عليه الصلاة والسلام (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون و يؤلفون ، و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف)
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1231
خلاصة حكم المحدث: حسن
الذين يتآلفون مع الناس بسرعة يعني مثلا امرأة كنت بجانبها جارة جديدة تآلفت معها سرعة ، أو ذهبت إلى امرأة أو جلست معها أو نومت معها في مستشفى وهي لا تعرفعها لكن سهل عندها أن تتآلف معها بسرعة لذلك
قال عليه الصلاة والسلام (. الذين يألفون و يؤلفون ) هم يألفون الناس و كذلك إذا أراد الناس أن أن يتألفوا معهم ، يتحدثوا معهم فتحوا مجالا لذلك ، ( الذين يألفون و يؤلفون ) ثم قال عليه الصلاة والسلام(و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف )
ولما سئل عليه الصلاة والسلام عن أثقل شيء في ميزان العبد قال عليه الصلاة السلام :
( ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن فإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء )
الراوي: أبو الدرداء المحدث:الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2002
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
فكان يحث عليه الصلاة والسلام أيها الأخوات الفاضلات على حسن الخلق مع الناس عموما ، جمال التعامل معهم ، اللطف في الأخذ والرد معهم كف الأذى عنهم ، لذلك عند الترمذي أنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم حال امرأة وذكر عنها صيامها و صلاتها و قيامها وكثرة ذكرها و قراءتها للقرآن - و كأنهم يمدحونها - قالوا غير أنها يا رسول تؤذي جيرانها بلسانها ، فهذه المرأة إن كُنْتَ تبحث عن صيام تجد عندها صيام ، إن كُنْتَ تبحث عن كثرة ذكر تجد عندها كثرة ذكر ، إن كُنْتَ تبحث عن صلاة تجد عندها صلاة
لكن يا رسول الله هذه المرأة لسانها سيء مع الناس ، ربما شتمت ، ربما اغتابت ، ربما نقلت الكلام بين الجيران بغرض الإفساد بينهم
قالوا يا رسول الله غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، قال عليه الصلاة والسلام ( هي في النار )
وجاء في حديث آخر عند الترمذي حسنه بعض أهل العلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( وإن سوء الخلق يفسد العمل ، كما يفسد الخل العسل )
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 906
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فكان عليه الصلاة والسلام يؤكد على أن حياتكِ في الحقيقة هي حسن خلقك مع الآخرين مع عبادتك لله تعالى ، والإنسان يتعبد الله تعالى
بحسن خلقه مع الآخرين ، العبادة أيتها الأخوات الفاضلات ليست فقط أن اقرأ القرآن و أصلي ركعتي الضحى و ركعتين آخر الليل ، إذا لم يكن لهذه العبادات تأثير على لسانك و لا تأثير على يدك و لا تأثير على أخلاقك فإنك ما حققت المطلوب من العبادة ، خذِ مثلا الصلاة
الله تعالى يقول عن الصلاة : ( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) فالصلاة إذا ما أثرت في لسانك
وكفته عن الفحش ، و أثرت في يدك فكفتها عن المنكر ، فما هي فائدة الصلاة !!
و قال الله تعالى عن الحج عندما ذكر حج بيته الحرام ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فالحج يقوم أخلاقك أيضاً ، شرع الحج لعدة
أمور و مقاصد من أعظمها أنه يقوم أخلاقك ولما
قال الله تعالى عن الزكاة - لاحظِ هذه أركان الاسلام -
قال الله تعالى عن الزكاة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى )
وقال تعالى أيضاً (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيم)
قول معروف يعيني أخلاق مع الفقير ، مثلا لو طرق عليكم الباب واحد و قلت له معذرة لا يوجد عندنا شيء و أسال الله تعالى أن يرزقك وذهبهذا أفضل وأحسن من أنك تعطينه مال و تقولين له هذه آخر مرة نشوفك هنا و لو رأيناك مرة أخرى سنبلغ عليك الشرطة
مع أنك أعطيتيه مالا ، الله تعالى يقول (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيم)
فانظري كيف أن الصدقة تفسد مع الأخلاق السيئة ، ولما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الصوم
قال : ( مَن لَم يدَع قَولَ الزُّورِ والعمَلَ بِه والجَهلَ ، فليسَ للَّهِ حاجَةٌ أن يدَعَ طعامَه وشرابَهُ)
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6057
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
لاحظي كيف أن الصوم يقوم أخلاقنا ، بل حتى شهادة أن لا إله إلا الله تقوم أخلاقنا ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه )
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6484
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فالذي يريد أن يحقق الإسلام فعلا ، ويقول أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده ورسوله ، و يدعي أنه مسلم فلابد أن تؤثر هتين الشهادتين
في أخلاقه تؤثر في لسانه ، فلا يمكن أن يكون محققا الاسلام الحقيقي و هو يسب و يلعن و يشتم و لسانه بذيء يؤذي الناس ، لا يمكن أن
يكون حققت الاسلام الحقيقي هكذا ، و أيضاً يسلم المسلمون من يده فلا يسرق من مالهم شيئا ولا يعتدي عليهم بضرب أو ما شابه ذلك
( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه )
وهذا يدل أيتها الأخوات:
أن الاسلام دين أخلاق ، صحيح انه دين توحيد و دين عبادة و دين قرب من رب العالمين لكنه اعتنى أيضاً بأخلاقنا نحن ليس ديننا فقط صلينا و صمنا ثم اذهب و اكذب على الناس أو أؤذيهم أو تذهب المرأة تصلي في الليل ساعتين أو ثلاث ثم تعامل زوجها
و أبنائها أسوء التعامل ، كلا الأخلاق الحقيقية إنما يقومها الاسلام وقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مرتبة عالية جداً من حسن الخلق وقد مدحه الله جل وعلا في كتابه
(( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) فلم يقل الله تعالى أكثر الناس علما مع أنه صلى الله عليه وسلم أعلم الناس ولم يقل جل وعلا أكثر الناس قياما لليل مع أنه عليه الصلاة والسلام كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، بل قال تعالى (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ))
أنت على خلق عظيم ليس خلقا عاديا بل خلق عظيم له قدره و له مكانته و له جلالته عند الله تعالى ، خلق عظيم يحق للناس أن يقتدوا به وكان عليه الصلاة
والسلام أحسن الناس في تعامله ، وأولى الناس و أحق الناس بحسن تعاملك هم أقرب الناس إليك ، أحيانا بعض النساء أخلاقها حسنة مع زميلاتها في العمل او الدراسة و صديقاتها و جارتها ولكن إذا تأملت مع أحق الناس بحسن مصاحبتها مع أبيها و أمها مع أهل بيتها
مع زوجها مع أبنائها مع أم زوجها مع أخوات زوجها والقريبين الذين هم أحق الناس بحسن الصحبة لم تجدي حسن التعامل ، بل سوء التعامل و الجفاء في الإسلوب و غلظا في التعامل فيسمع زوجها أن زوجته حسنة التعامل مع السناء و مع ذلك لا يرى سوى سوء التعامل معه
و هذا من أشد التفريط ، لذلك لما أقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
الناس الذين أتعامل معهم يا رسول الله أنواع كثيرة فيهم زوجة
فيهم أبناء فيهم إخوة و أخوات فيهم أب و أم فيهم أخوال و أعمام فيهم جيران فيهم شركاء و أصدقاء و زملاء فيهم إمام المسجد و المؤذن
فمن هو أحق الناس بابتسامتي له أولا من غيره ؟ من أحقهم بهديتي له من غيره؟ من أحقهم بأن أتحمل أذاه أكثر من غيره ؟ من أحقهم
بساعة فراغ أمضيها معه أولى من غيره بين هؤلاء العشرين ؟ من أحقهم بذلك ،0؟ هل جيراني فقد أوصيت بهم ؟ أم والداي ؟ أم أصحابي ؟
أم أبنائي و زوجتي ؟ أم أرحامي ؟ من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
فإذا به عليه الصلاة والسلام يرده إلى أهل بيته قال عليه الصلاة والسلام :
( أمك قال : ثم من ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : أبوك ثم أدناك فأدناك)
الراوي: - المحدث:الألباني - المصدر: مشكلة الفقر - الصفحة أو الرقم: 47
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فكذلك انت احق الناس بحسن صحابتك زوجك وأبنائك وبناتك و امك و أبوك ثم أدناك يعني لو ما عندك إلا ابتسامة و احدة اصرفيها للأقربين اذا ما عندك الا ساعة فراغ واحدة اقضيها مع الأقربين اذا ما عندك قدرة على تحمل الأذى إلا أذى شخص واحد فتحملي أذى الأقربين ابدئي أولا بالاقربين كما قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
الأصل أن يكون أولى الناس بإحسانك هم الأقربون لذلك لما قالت أم سلمة رضي الله عنها -كما
في الصحيح - قالت يا رسول الله ، أشعرت أني أعتقت وليدتي ؟ أم سلمة رضي الله عنها كان
عندها جارية و اعتقتها و عتق الأرقاء فيه أجر عظيم و حث الاسلام عليه بآيات كثيرة و أحاديث
كثيرة ، فهي تريد أن تفرح النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الخبر ، فقالت أشعرت أني قد أعتقت
وليدتي ؟
فقال عليه الصلاة والسلام
(أَوَ فعلتِ ) . قالت : نعم ، قال : ( أما إنكِ لو أعطيتِهَا أخوالَكِ كان أعظمَ لأجرِكِ ) .
لاحظ ، صلتك لأخوالك و حسن خلقك معهم و لطفك معهم أحب إلى الله من العتق ، فانظري
كيف يؤكد على حسن الخلق مع الأقربين ذلك من العبادة و من القرب إلى الله جل و علا أن تحسن
المرأة أخلاقها مع الأقربين لها ، و قد كانت أمنا عائشة و زوجات النبي عليه الصلاة والسلام
ورضي الله عنهن والنبي عليه الصلاة والسلام أيضاً كانوا مضرب المثل في ذلك
و كان الأئمة من بعدهم ..
#كذلك فهذا الامام أحمد رحمه الله لما ماتت أم عبدالله زوجته كان يحزن
عليها و يقول رحم الله أم عبدالله والله قد لبثنا عشرين سنة ما اختلفنا في شيء ، فقيل له
كيف ؟
قال: كنت اذا غضبتُ أرضتني ، فلا تراني غضبان إلا و أرضتني و كنت إذا غضبت مني
أرضيتها و مشت حياتنا على هذا
و النبي عليه الصلاة والسلام عندما مدح النساء قال
( و نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها ، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها ، و تقول : لا أذوق غمضا حتى ترضى)
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 287
خلاصة حكم المحدث: إسناده رجاله ثقات رجال مسلم غير أن خلفا اختلط في الآخر، لكن للحديث شواهد يتقوى بها
لاحظ ما قالت ترضى بكيفك او لا ترضى ، لا من المراة التي تفعل مثل ذلك اليوم ؟
إذا غضب زوجها عليها و انت لا تفهمني كم مرة أعيد الكلام وانت حقك أتزوج ثلاثة عليك
ثم ذهب لغرفة أخرى و نام ، هل ستقول هي الحمدلله افتكينا منه اليوم ؟ أم تذهب إليه و تفعل
كما أمر االنبي عليه الصلاة والسلام ؟
تأتي و تقعد عند رأسه و تقول والله لا أنام حتى ترضى ، والله لا أنام و أنت غضبان
هذه الأخلاق فعلا هي التي تتقرب بها إلى الله تعالى و ترجو المرأة بها و جه الله تعالى و القرب
إليه و أن تكون المرأة حسنة الأخلاق حتى في لسانها عندما تتعامل مع الاخرين
لذلك حذر النبي عليه الصلاة والسلام من هذا اللسان و بيَّن أعداد من الآفات تحصل بسببه
#بل حتى العلماء بينوا أمورا عظام تحصل بسبب التساهل باللسان
ذكروا أن رجلا ذهب إلى السوق ليشتري عبدا مملوكا ، قال فوجد عبدا مملوكا جلدا قويا و إذا به
يباع بسعر رخيص فسأله صاحبه : لماذا تبيعه بسعر رخيص و هو قوي جيد ، فقال صاحبه :
هذا فيه عيب واحد و هو سوء لسانه هذا رجل نمام مغتاب نقال كلام يعمل لي مشاكل في البيت
فعرضته للبيع ، فقال الرجل أنا لا يهمني لسانه سأجعله يشتغل في المزرعة عند الشجر و النخل
لن ادخله البيت فدعه يغتاب الشجر كما يريد ، فلما مضت أيام أقبل هذا العبد إلى زوجة الرجل
و قال لها يا عمتي إني لك ناصح ، قالت و ما ذا تريد ؟
قال سمعت أن سيدي سوف يتزوج عليك و أنا عندي لك نصيحة تحل كل المشكلة بهدوء
قالت ما هو ؟
قال أعطيني شعرات من خلف رأسه من عند الرقبة و هذه الشعرات سأعمل له فيها عمل أجعله يحبك حبا عظيما
ولا يفكر أن يتزوج عليك أبد لكن هذه الشعرات لا تقطعيها بالموس بل بالسكين ، إذا ما قطعتيها بسكين يفسد العمل .
أخذت المرأة النصيحة و أصبحت تترقب زوجها لتحصل على الشعر .
ذهب العبد إلى سيده و قال له يا سيدي إني خائف عليك .
قال له ما القصة ؟
قال العبد إكتشفت أن زوجتك عندها صديق تقع معه في الحرام و إنه قد طلب منها أن تذبحك
حتى يتزوجها هو فأنا لا أظن أنها تستطيع أن تذبحك و أنت مستيقظ لأنك رجل أكيد تدافع عن نفسك
فهي إذا أرادت أن تذبحك ستأتي لك و أنت نائم .
قال الرجل أنت صادق ؟؟!!!
قال العبد : أنا عليَّ نصحك و أنت بكيفك تصدق أو لا !
فمضى الرجل تلك الليلة ونام مع أمرأته و تصنع النوم أغمض عينيه و جعل يشخر
فإذا بالمرأة تأخذ السكين و تقربها من رقبته فعندما شعر الرجل بها قفز و أخذ السكين منها و طعنها
و ماتت ، فثار أهلها عليه لماذا تقتل بنتنا ، فقتلوه !!!
فتدمرت الأسرة كلها بسبب لسان هذا المفسد بينهم
**و فعلا كم من بيوت فسدت بسبب اللسان و عدم ضبط المرأة أو الرجل لهذا اللسان
لذلك النبي عليه الصلاة و السلام يقول في الحديث الصحيح :
(إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ، ما كان يظن أن تبلغ مابلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، و إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه )
الراوي: بلال بن الحارث المزني المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 888خلاصة حكم المحدث: صحيح
وفي رواية أخرى : قال عليه الصلاة والسلام :
( إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ ، ما يتبيَّنُ ما فيها ، يهوي بها في النارِِ ، أبعدَ ما بينَ المشرقِ والمغربِ)
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2988
خلاصة حكم المحدث: صحيح
يقول كلمة من غيبة أو سب أو شتم
لذلك من أهم الأمور عندما نتكلم عن حسن الخلق أن لا يخرج من هذا اللسان إلا الخير
عندما تتعاملين مع الآخرين ألا يخرج منه إلا الكلام الحسن ، ألا تكوني نقالة للإشاعات أيضاً
فكم من البيوت فسدت بسبب كثرة القيل و القال !!
كما بين النبي عليه الصلاة والسلام ذلك
(إن الله تعالى حرم عليكم : عقوق الأمهات ، و وأد البنات ، و منعا وهات ، وكره لكم : قيل و قال ، وكثرة السؤال ، و إضاعة المال)
الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1749
خلاصة حكم المحدث: صحيح
دل هذا أن حسن الخلق ليس فقط أن الواحدة تفهم أن حسن الخلق فقط ابتسامة و لطف و كذا
لا !! دل هذا أيضاً أن حفظ اللسان من الأخلاق و هو من أوجبها ، عدم نقل الكلام لذلك يقول
النبي عليه الصلاة والسلام ( بئس مطية الرجل زعموا)
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2846
خلاصة حكم المحدث: صحيح
والله يقولون أن سبب طلاق فلانه كذا و يقولون أن فلان سيتزوج و يقولون أن فلان سيطلق
( بئس مطية الرجل زعموا ) أن تكون دائما على لسانك نقل الكلام لذلك ، لا تنظين أن حسن الخلق
فقط تبسمك ، بل حتى ضبط الإنسان للسانه هو خلق حسن بلا شك ، عدم جريك وراء الإشاعات و تناقلها .
اذكر أني ألقيت محاضرة في أحد السجون فجمعوا لي مجموعة كبيرة من السجناء و سمعوا
مني محاضرة ثم قال لي الأخ الذي مختص بالشأن الديني : يا شيخ عندنا مجموعة في السجن
الانفرادي فطلب مني أن القي عليهم كلمة ، فكان هناك مجموعة من السجناء عليهم قضايا كبار
لم يحكم فيها بعد ، فكانوا لا يخلطونهم ببقية السجناء حتى تنتهي قضاياهم تماماً فذهبت لهم
و ألقيت عليهم كلمة فلما انتهيت مررت بهم و سلمت عليهم فكانت قضايا أكثرهم قتل و سطو على
بنوك و كذا ، فمررت بأحدهم شاب عمره 23 أو 24 سنة فسلمت عليه و قال المرشد لي يا ليتك
تدخل في الزنزانة و تقرأ عليه رقية شرعية ففعلتُ ثم خرجتُ لقد كان شابا وجهه حسن ليس
بمجرم فسألت المرشد ما هي جريمته ؟
قال هذا قد ذبح زوجته بالسكين
لا حول ولا قوة إلا بالله !!! كيف ؟ و ما السبب ؟
قال هذا الرجل تزوج و كان عنده مجموعة من أصحابه فكأنهم حقدوا عليه أو كذا ، جاء أحدهم إليه يوما
و قال يا فلان هل أنت اشتريت سيارة زرقاء ؟
قال لا سيرتي تعرفها أنت بيضاء
قال صاحبه : لا أعلم لكن اليوم الصبح رأيت سيارة زرقاء تركبها أمرأتك هل عندك في البيت غير
زوجتك ؟
قال لا
قال صاحبه إذا أنا أبرء إلى الله لكن الرجل أخذها ساعة و رجعها
و من الغد أقبل صاحب أخر له و قال له مثل ذلك
رجع الرجل لأمرأته و كل يوم يحدث لها مشكلة أنت تخونني و عندك علاقات محرمة و أنت ...
قالت يا رجل أنا امرأة عفيفة و من حفظة القرآن ... و بدأت المشاكل تزداد حتى أتى يوم ضربها
اعترفي اعترفي اعترفي .... اعترفي و ضربها و ذهبت إلى أهلها و هو لم يتم معها أشهر
فلما ذهبت لأهلها بدأ المفسدون أصحابه يكثرون الكلام ، غداً تأتيك حامل و تقول هذا منك
في السابق كانت عندك في البيت أنت تراقبها ، الآن في البيت ما عندها أحد سوى أبوها و أمها
كبار في السن الآن هي تفعل ما تشاء ، فأكثر عليه المفسدون حتى أزه الشيطان و ذهب لبيت أهلها و قتلها
نعم والله رأيته بعيني في زنزانته و كنت أقول سبحان الله ما أعظم الإثم على أولئك
طبعا هم حوسبوا في المحكمة لكن ما أعظم الإثم على أولئك الذين تساهلوا في سوء خلقهم
و تناقل الكلام .
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام من مثل ذلك ، و لما حدث معاذا رضي الله عنه
جلس عليه الصلاة والسلام جلسة مباركة مع معاذ رضي الله عنه ، و معاذ رضي الله عنه من أحب
الصحابة إلى النبي عليه الصلاة والسلام و كان له مقام عند النبي عليه الصلاة والسلام و له
مكانة ، فجلس عليه الصلاة والسلام يحدث معاذا بالكفَّارات و الدرجات و ماذا يرفع الإنسان
عند الله و ماذا يكُفِّر ذنوبه ثم قال عليه الصلاة والسلام :
(ألا أخبرك بملاك ذلك كله، ) بمعنى أني حدثتك عن مكفرات الذنوب و حدثتك عن ما يرفع
العبد عند الله ... أنا سوف أعطيك اختصار في الأخير لكل الكلام
قال بلى يا رسول الله .
قال عليه الصلاة والسلام
قال معاذ فأخذ بلسان نفسه عليه الصلاة والسلام و قال ]: (كف عليك هذا)
قال معاذ رضي الله عنه : يا رسول الله أوَ إنا لمآخذون بما نتكلم به ؟
يعني لهذه الدرجة أنت خائف علي من كلامي فقال عليه الصلاة والسلام:
( ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم)، أو قال عليه الصلاة والسلام
(على مناخرهم)، إلا حصائد ألسنتهم )
فما أدخل الناس النار إلا اللسان !!
هذا قذف امرأة مؤمنة فأثم و عذب بسبب لسانه لماذا تقذفه ؟ لماذا ما مسكت لسانك ؟
هذا كذب فعذب بسبب لسانه ، هذا نقل إشاعة فعذب بسبب ذلك ، هذا اغتاب و عمل نميمة
فعذب بسبب ذلك فأكثر ما يدخل الناس النار هي حصاد ألسنتهم
فاللسان يحذر منه يا أخواتي ، يحذر من نقل الكلام دون أن يتبين فيه ، يحذر من نقل الكلام الذي
ربما كان صادقا ما الفائدة منه ؟
يقول الحسن البصري رحمه الله :
أما يستحي أحدكم إذا رأى صحيفته يوم القيامة و إذا عامة ما فيها - أكثر ما في الصفحة - مما
لا ينفعه لا في دنياه و لا في أخراه
يعني أكثر ما في الصفحة مثل والله فلانة سوت كذا ، وفلانة قالت كذا ،
فهذا الكلام لا فيه حسنات
ولا سيئات فلماذا تتكلمين به !! و يقول الحسن البصري :
فما يضر أحدكم إذا جلس فارغا أن يقول للملك اكتب رحمك الله ، ثم يملي خيرا
ما الذي يمنعه أن يتعبد لله بهذا اللسان ........
**فلما نقول حسن الخلق يجب أن ننتبه لأمور
1) أن حسن الخلق مع الأقربين أولى من غيرهم
2) أن حسن الخلق عدم إيذاء الناس ، و أيضاً تحمل أذى الناس إذا أذوك
3) عدم إعطاء الأمور أكبر من حجمها النبي علبه الصلاة والسلام كان يقول ذلك بلسانه و يطبق
ذلك عليه الصلاة والسلام من حسن خلقه و لطفه
4) من حسن الخلق إمساك اللسان لذلك قال الله تعالى عند ما ذكر الصلاة :
( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)
ذكر بعض أهل العلم أن الفحشاء هو ذكر الحرام باللسان و المنكر هو الفعل
فإذا كان حسن الخلق ليس مقصورا بالتبسم و ما شابه ذلك بل هو أعم علمنا أن كل حياتك تتغير
عندما يلتزم الانسان بحسن خلقه ، وكان عليه الصلاة السلام يدعو الله به و كان عليه الصلاة
والسلام يأمر بذلك و كان عليه الصلاة والسلام يقول :
( اللهم اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت ) و كان عليه الصلاة والسلام يعلمه لأهله
جلس عليه الصلاة والسلام يوما مع عائشة رضي الله عنها وأرضاها وذكرت صفية إحدى زوجاته رضي الله عنها وتعلمون ما يقع بين النساء
من الغيرة فقالت عائشة رضي الله عنها ( حسبك من صفية كذا و كذا ) تعني ذمها بأنها قصيرة
و أشارت بيدها أنها قصيرة ، فقال عليه الصلاة والسلام :
(لقد قُلْتِ كلمةً لو مُزِجَتْ بماءِ البحرِ لَمَزَجَتْهُ ) بمعنى أنه هذه الكلمة من عظمها عند الله
لو أردنا أن نخففها ما نصب عليها كأس أو كأسين لا ، نصب ماء البحر كله حتى نخففها بس
عليك ، و هي تقول يا أخواتي رضي الله عنها و أرضها فقط ( حسبك من صفية كذا و كذا ) فقد كان
صلى الله عليه وسلم يؤدب نسائه يربيهن على ذلك حرصا منه عليه الصلاة والسلام على حفظ
اللسان و حسن الخلق و حسن المنطق على حسن الكلام تنفيذا لكلام الله تعالى :
((وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً))
أسأل الله تعالى أن يهدينا لأحسن الأقوال و الأعمال و الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو
ويصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو سبحانه