صلاة الخشوع






http://www.ydeaf.net/up/uploads/

  بسم الله الرحمن الرحيم
الخشوع في الصلاة هو روحها، ولا يحصل ذلك إلا لمن فرّغ قلبه له، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، واستحضر فيها عظمة الله تعالى، فصارت راحة له وقرّة عين. والصلاة التي لا خشوع فيها ولا حضور قلب قد تكون مجزئة مثابًا عليها، إلا أن الثواب على حسب ما يعقِل القلب منها، لما وَرَد عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله يقول: ((إنّ الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها)) أخرجه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
Image result for ‫خشوع في صلاة‬‎

قال ابن رجب الحنبلي: "أصل الخشوع لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره، فإذا حصل له ذلك تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء لأنها تابعة له"، وقال ابن كثير في تفسيره: "الخشوع هو السكون والطمأنينة والتؤدَة والوقار والتواضع، والحامل عليه هو الخوف من الله ومراقبته".

والله سبحانه قد أثنى في كتابه الكريم وامتدح الخاشعين والخاشعات في أكثر من موطن، وجعله سببًا للفلاح في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون: 1، 2]، وقال سبحانه: وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ [الحج: 37]، والمخبتون ـ كما ذكر أهل التفسير ـ هم الخاشعون المتواضعون، مأخوذ من الخبيت وهو المكان المنخفض من الأرض. وقال سبحانه: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة: 45]، فالصلاة ثقيلة وطويلة إلا على من استثناهم الله سبحانه؛ لذا تجد كثيرا من الناس يتضايق من الصلاة ويشتكي من تطويل الإمام، وربما اقتصر على صلاة ينقرها كنقر الغراب في بيته، هذا إذا لم يتركها بالكلية.


http://image.slidesharecdn.com/3-copy-120107134426-phpapp02/95/

وقال سبحانه بعد حديثه عن الأنبياء والمرسلين صفوة الخلق عليهم الصلاة والسلام: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء: 90]، وقال سبحانه مثنيًا على الذين أوتوا العلم: وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء: 107]، وقال سبحانه: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 138]، وأصل القنوت التذلل والخشوع. وسبب نزول هذه الآية ـ كما ذكر ذلك أهل التفسير ـ أن الصحابة كانوا إذا قاموا في صلاتهم رفعوا أبصارهم إلى السماء، فأمرهم الله سبحانه بخفض أبصارهم.

والخشوع أمر قلبي يجعل القلب يقبل على الله سبحانه، والجوارح تسكن، والعين تدمع من خشية علام الغيوب؛ لذا قال للرجل الذي رآه يعبث في صلاته: ((لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)) رواه الترمذي وفيه ضعف، وقيل: "إنه موقوف على سعيد بن المسيب".


http://i.ytimg.com/vi/NLZYLm1ErNw/


وقد حثنا رسولنا على الخشوع، وبين فضل البكاء من خشية الله، حيث قال : ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)) رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال أيضًا: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم)) رواه الترمذي (1683). وقد ذكر في السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: ((رجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه)) متفق عليه. ووجه الدلالة من الحديث أن الخاشع في صلاته يغلب على حاله البكاء في الخلوة أكثر من غيره، فكان بذلك ممن يظلهم الله في ظله يوم القيامة. ووالله، لن يتعلق قلب عبد بالمساجد إلا وهو من الخاشعين في صلاتهم المتلذذين بها المقبلين عليها، فهم يجدون فيها أنسهم وجنتهم ونعيمهم الذي لا يريدون فراقه، على حد قول شيخ الإسلام: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة"، إنها جنة الإخلاص واليقين. وقدوتنا وأسوتنا في ذلك رسولنا ، فعن عبد الله بن الشخير قال: أتيت النبي وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل. أخرجه أبو داود (904). وكان يستعيذ من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع. رواه أبو داود (1385).

بارك الله لي ولكم في العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.


https://muhannadknol.files.wordpress.com/2010/02/

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

:)
:(
hihi
:-)
:D
=D
:-d
;(
;-(
@-)
:P
:o
:>)
(o)
:p
:-?
(p)
:-s
(m)
8-)
:-t
:-b
b-(
:-#
=p~
$-)
(y)
(f)
x-)
(k)
(h)
cheer

Pages