اختيار ما بين الجنة والنار

إن الإنسان قد يُشقي نفسه أيها الأحبة في عملٍ دؤوب في حفظ الكتب والمتون, وفي الاشتغال بين يدي الشيوخ في القراءة عليهم, واستشراح هذه الكتب والتفقه في الدين, فيحرم نفسه كثيرًا من المُتع واللذات فلا يتنزَّه حينما يتنزَّه الناس, ولا يخرج إذا خرجوا ولا يلتذ بما يلتذون به مما تشتهيه النفوس, وتطلبه بل يواصل عمل الليل بالنهار من أجل تحصيل هذا العلم, ولربما كان ذلك من أجل أن يحجز مقعدًا في النار, وكلنا يعرف الحديث الثلاثة الذين هم أول من تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة: الرجل الذي قرأ القرآن, الرجل الذي تعلَّم العلم من أجل أنْ يُقال: عالم أو قارئ, فيلقى في النار قبل الزناة والسراق, فهذه أمور يحتاج للإنسان أن يتبينها وأن يتذكرها لأنه قد عرفها, لكن يبقى العمل أيها الأحبة، يبقى التطبيق والامتثال فما فائدة المعرفة إذا كانت لا تقودنا إلى العمل في طاعة معبودنا جل جلاله؟



ثم إننا نطرح هذا الموضوع نظرًا لما تُعانيه نفوسنا من كثيرٍ من الجفاف فالقسوة غالبة على القلوب, والأعمال والبضاعة التي نَقْدُم بها على الله  قليلة, والآخرة دار لا تصلح للمفاليس, والإنسان أيها الأحبة حينما ينظر أو يقرأ في سير أهل العلم وما كانوا عليه من التشمير والجد والعمل في طاعة الله  لا يتخيل نفسه إلا أنه من قُطاع الطريق, وهذه حقيقة يجدها الإنسان في نفسه حينما ينظر في عمله وعمل هؤلاء.




ثم إننا هذا الموضوع  في هذه الأيام في وقت تَمُرُّ به الأمة في فتن متلاحقة وقد أخبرنا النبي  كما في حديث معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه: "عبادة في الهرج والفتنة كهجرة إليّ" فينشغل الناس بنقل وتحليل وتتبع الأخبار وما يجري هنا وهناك, وهذا الأمر لابد أن يؤثر في القلوب فتشتغل القلوب بما تلقفته الأسماع أو وقعت عليه الأنظار عبر الشاشات, ثم بعد ذلك لا يبقى في هذا القلب محلٌّ لعبادة الله  وطاعته والإقبال عليه, وهذا أمر مُشاهد, العبادة أيها الأحبة هي عنوان شرف المؤمن, وكلما كان العبد أكثر تحقيقًا لها كان ذلك أكمل في حقه, وشرفه, ومنزلته, ولذا وصف الله تبارك وتعالى رسوله  كما تعلمنا وصفه في أجلِّ المقامات بالعبودية: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء:1]؟

الكاتب : Unknown

شارك الموضوع

شارك شارك غرد المزيد

• Digg
• Linkedin
• Stumbleupon
• Delicious
• Tumblr
• BufferApp
• Pocket
• Evernote

مواضيع ذات صلة

• سماء الانبياء عليهم السلام من اولهم إلى آخرهم ,أسمائهم وألقابهم ومختصرات عن حياتهم ووفاتهم بسم الله الرحمن الرحيم 12_ شعيب عليه السلام:لم تذكركتب القصص الفترة التي عاشها إنما
• المراة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين في شدة البياض يحار فيها الصرف من رقة الجلد ر بسم الله الرحمن الرحيم لما ترك المؤمنون في الدنيا الحرير صار الحرير جزاءا لهم ف
• علماء الإسلام، هم العلماء الذين قدموا عطاءً علمياً في نطاق دولة الإسلام،علماء الإسلام، هم العلماء الذين قدموا عطاءً علمياً في نطاق دولة الإسلام،  بسم الله الرحمن الرحيم الــبــتـــانـــي هو أبو عبد الله محمد بن جابر بن سن
• {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. بسم الله الرحمن الرحيم{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِ