بسم الله الرحمن الرحيم
ولاً: المطرودون عن رحمة الله هم الملعونون فما هو تعريف اللعن:
في اللغة: هو الطرد والإبعاد عن الخير .
وتعريفه شرعاً: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله .
ثانياً: لقد حذرت الشريعة من اللعن وأطلاق الألسنة به ومن ذلك :
1- ما رواه الترمذي وأحمد بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان )) .
2- ما رواه مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة )) .
ثالثاً: سؤال مهم وهو: من يستحق أن يوجه إليه اللعن ومن لا يستحق ؟
1- لعن المسلم المعين: لا يجوز وهذا مما أجمع على تحريمه لما رواه البخاري ومسلم عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لعن المؤمن كقتله )) وقد نقل الإجماع على التحريم النووي والذهبي .
2- اللعن بالأوصاف العامة: مثل لعنة الله على اليهود والنصارى أو الظالمين أو الفاسقين أو الكاذبين وغير ذلك من أوصاف العموم فهذا جائز لا خلاف فيه . وقد نقل الإجماع على جواز اللعن بأوصاف العموم ابن العربي وابن حجر الهيتمي .
3- لعن الكافر المعين وفيه ثلاث حالات:
الحالة الأولى: لعن من عرف أنه مات على الكفر مثل فرعون وأبو جهل وغيرهما فهذا جائز لعنه ولا خلاف فيه .
الحالة الثانية: لعن من عاش كافراً وجهل موته هل كان على الكفر أم لا فهذا أيضاً جائز لعنه ولكن الأفضل أن نقول: لعنه الله إن كان مات كفراً . وهذه طريقة بعض علماء الأمة مثل ابن كثير وغيره .
لحالة الثالثة: لعن الكافر المعين الحي اختلف العلماء في لعنه على قولين:
القول الأول: جواز لعنه .
القول الثاني: عدم جواز لعنه وهو الصحيح والله أعلم . لقوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ))
وجه الدلالة: أن الآية قيدت استحقاق اللعنة بالموت على الكفر . ولقوله تعالى: (( لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ )) نزلت هذه الآية كما في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في أقوام من الكفار كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعنهم بأسمائهم .
4- لعن المسلم العاصي المعين: الراجح والله أعلم أنه لا يجوز لعن المسلم العاصي المعين لأنه إذا كان لا يجوز لعن الكافر المعين فالمسلم من باب أولى .
5- لعن من ارتكاب فعلاً قد لعن في لسان الشرع فاعله: الصحيح من قولي أهل العلم أنه لا يجوز لما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (( أن رجلا اسمه عبد الله يلقب حمارا كان يضحك النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب فأتي به يوما فأمر به فجلد فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلعنوه فو الله ما علمت أنه يحب الله ورسوله )) .
رابعاً: الأفعال التي لعن فاعلها :
1- اتخاذ القبور مساجد فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) متفق عليه . فإذا كانت قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منع اتخاذ المساجد عليها فمن باب من هو أدنى منهم مرتبة .
2- سب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لما رواه الطبراني بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لعن الله من يسب أصحابي )) . فكيف بمن يكفر جميع الصحابة إلا نفراً قليلاً منهم ويصفهم بأقبح الصفات .
3- قتل النفس المؤمنة عمداً بدون حق قال تعالى: (( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) وتأمل في عظم النفس المؤمنة عند الله ففي سنن ابن ماجه بإسناد حسن عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق )) . وعند الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم