لن أتكلم بالطب ، ولن أتعدى على شيء ليس من اختصاصي






.. وان كان الطب له فروع متعددة غير الشكل السائد في الحياة اليوم ، فهناك الطب بالموسيقى وهناك الطب بالألوان وهناك الطب بالأعشاب وهناك الطب النبوي ، وهناك أصناف كثيرة من طرق المعالجة ..

ولما كان اهتمامي بالطرق التي كان الهنود يتعاملون بها ، والاستزادة من مصادرها من باب الثقافة ، فقد تراكم لدي لا يقل عن خمسين كتابا يتناول التداوي بالأعشاب .. وان كنت لم أزر ( والحمد لله ) أي طبيب للتداوي عنده ، ولكني لم أطرح نفسي كخبير في مسألة التداوي بالأعشاب ، الا في حدود ضيقة جدا ..

ولما كان تخصصي العلمي (كمهندس زراعي ) .. يسمح في الحديث عن برامج تغذية متواضعة ، وقد درجت كثير من الجهات التي تهتم بالتغذية بالاستعانة بمن هم في اختصاصنا .. وان كنت قد عملت في برامج تحضير الأغذية الحيوانية ( أجل الله قدركم ) ..لمدة عشرين عاما ، مما عزز عندي معرفة بعض المهارات التي تحدد احتياجات الكائن الحي على وجه قريب من الدقة ..

لهذا كله ، أجرب أن أساهم في تقديم بعض المعلومات التي قد تفيد من يطلع عليها ، في درء مخاطر سوء التعامل باختيار الأغذية المناسبة ..

لقد كان بني آدم يعيش مدد أطول .. وكانت قوة الإنسان أكبر ، فمن يرى الآثار العظيمة من أهرام و بقايا أبنية منتشرة في كل أركان الأرض ، يدرك كم هي قوية تلك الأجسام التي أسهمت في بناءها ..

لقد لاحظت في بداية حياتي ، أوعية من الصوف أو الكتان تتسع الى 160 كغم ، وكان شخص واحد يحملها ويتنقل بها .. ثم اختفت تلك العبوات ، لتحل محلها عبوات 100 كغم .. ثم تختفي لتحل محلها عبوات 50كغم .. حتى أصبحت تلك العبوات نادرة ، وينتشر بدلا منها عبوات 25كغم و10 كغم ..

ان الله عز وجل ، قد أوجد لكل داء دواء .. ومن يتأمل بعض الحيوانات البرية ، والتي لا تستطيع الذهاب الى الطبيب لتشتكي له وهنها و ضعفها ، وتشير له الى المكان الذي يؤلمها ، فأعطاها القدرة على اكتشاف ما يشفيها من النباتات البرية . في حين ترك للعاقل ( الإنسان) .. أن يكتشف من خلال تجربته وتجارب الآخرين ، ما يفيده وما يضره ..

لقد قال رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ( ما ملأ بني آدم وعاء شرا من بطنه ) .. وقال الطبيب العربي الشهير (الكندي) [ المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء ] ..

ولو تتبع أحد منا تسلسل ظهور العلاجات واختفاءها ، لأدرك خطورة اللجوء للعلاج ، بدل الاهتمام بغذائه .. اذ كل سنة تسحب أدوية من الأسواق لاكتشاف العلماء خطورتها
هناك جانب من التطور الحضاري يعمل عمل المعول في هدم أجسامنا :
اذا أتخمت معدة بني آدم أصبحت مصدرا للتعفنات و التفسخات بسبب بطئ الهضم بها .. فتكون الرمال والحصى والمخلفات الضارة .. كما يتكون (الهباب) في المداخن نتيجة سوء الاحتراق ..

وتسهم الدهون مع السموم الناجمة عن التخمرات المعوية لتعمل في الكبد تخريبا فيزداد الكوليسترول ( شمع المرة ) في الدم .. وهي مادة شبيهة بالطين تترسب على جدران الشرايين فتسبب تصلبها ، وترفع بالتالي الضغط الدموي ، والذبحة الصدرية ، والسكتة القلبية ، فاذا حاول الجسم طرح السموم خارجا مر بالمصفاة ( الكلى ) فأفسدها ..
وقد تنجو أجسامنا من شر الأمراض التي تسببها الجراثيم ، ولكنها تقع في براثن سوء استعمال الأطعمة .. الناتجة من التنوع الهائل ، و فساد المطبخ الحديث و أسلوب المطاحن و مصانع الأغذية و الكيمياويات في الزراعة !


كان ظهور البنسلين ، معجزة القرن العشرين ، و لسوء استعماله تم مصادقته من معظم الجراثيم ..كما كان استخراج الفيتامينات و الحديد تعتبر عبقرية .. لكن ما الذي حققته ؟ أجسام عليلة تعودت على تناول مستحضرات سيكتشف العلم مستقبلا مضارها ، والنتيجة هي تفريخ أجيال جديدة من أمراض جديدة .

من يقول أن مخلبات الحديد التي تستخرج من برادة الحديد ومخلفات دماء المسالخ هي أفضل من طبق العدس و الفول ؟ والتي تمد الجسم بما يحتاجه من مكونات الهيمجلوبين ..

ومن يقول أن السكر الأبيض أفضل من السكر الأحمر ، الذي سلبت منه مكوناته المعدنية لجعله أبيضا إرضاء للأذواق البرجوازية في تقديم سكر ناصع البياض .

ومن يقول أن الطحين الأبيض الخالي من الألياف ، و مخلصا منه الجلوبيولين ليستخدم في صناعات مختلفة ، هو أفضل من قمح ( الله) الذي أعطانا إياه كغذاء متكامل في بعض الأحيان .. اننا ندمر أنفسنا بمبالغتنا بالغنج في استخدام الشكل واللون للغذاء ، لا المحتوى الحقيقي المفيد ..

زد على ذلك ، تلك الثقافة الصحية المبالغ بها ، وغير الخاضعة ليقين علمي أكيد ، التي أدخلت الشكوك في نفس كل مواطن حديث ، فجعلته كرة تتلاقفها العيادات و المختبرات ، لتقتله بالهواجس قبل أن يقتله المرض و سوء استعمال الكيمياويات ..


لقد قرأت عن الهنود أنهم قسموا طبقات الجلد لبني آدم الى ( ثلاثة !) .. ونحن نعرف أنهما اثنتين (البشرة و الأدمة ) . .. وشبهوا الطبقة الثالثة ، بشبكة دفاع قوية كأنها شبكة دفاع جوي بالصواريخ .. و عولوا على تلك الطبقة أنه من خلالها يهدم الجسم ، أو يحمى !!

لم أكن معتقدا كثيرا بهذا الكلام عندما قرأته ،  ، ولكن بعد أكثر من عشر سنوات .. بدأت أميل الى تصديق ما قاله الهنود .. فلما يقابل أحدنا صديقا له ، وينظر صديقه في وجهه متأملا وواجما ، فيسأله : لماذا تنظر لي بتلك الطريقة ؟ .. فيصمت ويجيب : هل راجعت أخصائي بالكبد ؟ ..ثم تبدأ رحلات الشقاء لمن يتعرض الى مثل تلك النظرة .. لقد اخترقت شبكة الدفاع (الهندية ) .. و أعطت مفعولها ..

و أحيانا يكون الطبيب هو نفسه من يقوم بتلك المهمة ، فقد يرفع من شأن مريضه بالتشجيع و تهوين الأمور عليه ، فتتحشد الطبقة ( الهندية ) لإزاحة المرض من الجسم ، ويشفى المريض بالتشجيع ! وقد يكتب الطبيب على ورقة سلسلة من الفحوصات والأشعة .. فينهار المريض قبل أن تشفيه الإجراءات ، حتى لو كانت سليمة تماما !

وهذا يقودنا لذكر مسألة لم أستطع تفسيرها الا بقبول نظرية الهنود ، وهي استئصال ( الثؤلول ) عند بعض سكان أرياف الوطن العربي ، حيث كان يوصى من يكن بيده ثؤلول ، بأن يضع بذرة شعير في ثمرة باذنجان ، ويدفنها في (مزبلة ) فاذا نبتت بذرة الشعير ، فان الثؤلول سيزول من اليد !! .. لقد حلف العشرات ممن اتبعوا تلك الطريقة أن الثؤلول قد زال .. وعندما تأملت ذلك ، حيث لم أجد صلة ميكانيكية بين بذرة الشعير الموجودة في ( المزبلة) وبين الثؤلول الموجود باليد .. أيقنت صحة نظرية الهنود ، حيث أن صاحب الثؤلول الذي آمن بما نصح بفعله .. قد حشد طاقته المركزة ، حتى أزيل بها الثؤلول
وهذا الكلام ينسحب على العجائز اللواتي يقرأن بعض الكلام على المريض ، فكثير من المرضى تخف أو تزول الحمى من على أجسامها ، نتيجة لفعل ( التخريجة ) أو قراءة كلام العجائز .. وهو ما يؤكد دور الإيحاءات في التداوي .



شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

Pages